مجله البيان (صفحة 3427)

ماذا يريدون من المرأة..؟ !

الإعلام وقضية المرأة

فاطمة بنت عبد الله البطاح

دأب الإعلام بوسائله المختلفة على تصوير المفاهيم الإسلامية الخاصة بالمرأة

تصويراً يحط من قدرها، وينتقص من صلاحيتها، ويشكك في قدرتها على

الاستجابة لمتطلبات الحياة العصرية، ويحقر من شأنها حتى في نظر أبنائها

المنتسبين إليها.. فضلاً عن أعدائها! !

وبداية فإن هذا الدأب المستمر يُفترض ألا يبدو أمراً مستغرباً في نظر المسلم

الذي يدرك ما تنطوي عليه صدور الأعداء من ضغائن وأحقاد [يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا

نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ واللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ ولَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ] . [الصف: 8] .

كما يُفترض أمام هذه المحاولة أو الحملة الإعلامية المحمومة.. ألا يكون

موقع المسلم المعاصر منها هو موقع المشتكي المغلوب على أمره! بل لا بد أن

ينتقل بنفسه ورغم تحديات الواقع الرديء إلى موقع المشخِّص للداء، الباحث عن

رؤى عملية واقعية تواجه هذه الحملة وتتصدى لها.

ولأن تاريخ الإعلام في هذا المجال ممتد ومتشعب ولا يسعنا استعراضه كله

أو الإفاضة فيه، فسنكتفي بالتذكير بأن الإعلام قد سلك مسالك كثيرة ومتنوعة تصب

كلها في النهاية في قالب واحد وهو أن المرأة المسلمة مهضومة الحقوق مهيضة

الجناح!

ليتظاهر الإعلام بكل قنواته بالدفاع عنها والبحث عن حقوقها.. وإثارة قضايا

مفتعلة كضرورة تحريرها من القيود ومساواتها بالرجال! ! بالإضافة إلى إلقاء

شبهات حول أحكام إسلامية معينة تُزرع في حس المرأة لتراها عبئاً ثقيلاً تتمنى

الخلاص منه!

ففي تعليم المرأة وعملها:

اضطلع الإعلام بدوره في بناء مفهوم خاطئ عن قرار المرأة في بيتها؛ إذ

جُعِلَ هذا القرار مُبعِداً لها عن دائرة القوى العاملة أو الكوادر المنتجة! !

فالمرأة المتفرغة لشؤون بيتها والحدب على أطفالها رعايةً وتعليماً بكل ما

يمثله هذا الدور المنزلي من حضور ديناميكي فاعل ومؤثر.. لا يُعترف به

إعلامياً!

وهذا يضع اليد على إشكالية الأولويات التي يفترض أن تحدد:

ما هو دور المرأة الأهم؟ وهل هناك مجال مقارنة للعائد الاجتماعي الذي

يحصده المجتمع من تأدية المرأة دوراً رئيساً في بيتها، والعائد الاجتماعي من أدوار

أخرى ثانوية وهامشية تمارسها المرأة خارج بيتها: مضيفة طيران، أو سكرتيرة؟

وثمة إشكالية أخرى:

تتمثل هذه الإشكالية في النظرة السائدة لعمل المرأة على أنه يكون خارج

منزلها لا داخله!

وهذا الاعتقاد قد يكون منشؤه (تضخم النموذج الغربي) في العقلية العربية في

ظل تقليد الضعيف للقوي والتبعية المطلقة له.

ومثلما صوَّر الإعلام قرار المرأة في بيتها بأنه أداة تعطيل لطاقات المرأة

وعزل لها عن المجتمع والفعل الاجتماعي كله.. دعا أيضاً إلى ضرورة التعليم

المطلق للمرأة ومنحها فرص التعليم حتى في مجالات لا تتناسب مع طبيعتها

الأنثوية! ومن ثَمَّ إيجاد سيل هائل من الخريجات اللاتي يطالبن بفرص عمل! !

وأُظهرت هذه الدعوة من خلال الإعلام على أنها الحل الأمثل للقضاء على

الأمية النسوية التي تحرم المرأة من فرص الالتقاء بالسياق الاجتماعي الطبيعي

المناسب لها، والذي لن تصل إليه إلا بما يمنحه لها (التعليم بكل ألوانه وتخصصاته

وفنونه) من كفاءة وثقة وأهلية لتكوين رأيها الذاتي المستقل عن الرجل وعن قيود

قوامته!

ولا يخفى أن روح الاستقلال قد حرص الإسلام على إنمائها في شخصية

المرأة دونما حاجة لإلغاء حكم القرار في بيتها أو دعوة المرأة للانسحاب من أدوارها

المنزلية الرئيسة، ودونما حاجة أيضاً لتعليمها علوماً لا تتناسب مع طبيعتها

الأنثوية!

فالخطاب القرآني نادى المرأة على أنها كائن له حريته واستقلاله؛ إذ منحها

مثلاً حرية الدخول في الإسلام دون اشتراط رضا ذويها!

بل وقَبِلَ النبيُّ بأمر من ربه مبايعة المرأة له على اعتبار أنها كائن مستقل ...

عن الرجل وليست ملحقاً له: [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لاَّ

يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً ولا يَسْرِقْنَ ولا يَزْنِينَ ولا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ ولا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ

بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وأَرْجُلِهِنَّ ولا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ واسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إنَّ اللَّهَ

غَفُورٌ رَّحِيمٌ] [الممتحنة: 12] .

ولو تأملت في حقيقة مطالبة الإعلام بمنح المرأة فرص التعليم بأنواعه أو ما

يسمى بحركة التنوير فستجد أن النساء الرائدات اللاتي أبرزهنّ الإعلام ورفع راية

المطالبة بحقهنّ في التعليم.. يعانين من تخلُّف وجهل شديدين حتى بعموميات

الإسلام ومجمل أحكامه!

وكأن دائرة التعليم تضيق عن أحكام الدين في الوقت الذي تتسع عند نزعة

العُري والرغبة في الاسترجال والتخلص من معالم الأنوثة والفطرة! والانسياق

الغبي وراء قيم ومفاهيم المرأة الغربية بكل ما فيها من انحرافات ومفاسد وأوبئة! !

مما حرم هؤلاء النسوة من العلم الشامل والتحرر الحقيقي، وأوقعهنّ وبشكل أسوأ

في جهل ورِقٍّ مختلفين! !

فالحجاب مثلاً أغفل الإعلامُ الجانبَ النصيَّ (الشرعي) منه، وصوَّره على أنه

عادة شعبية يتوارثها الأجيال فيؤكدون بذلك دونيتها، ورغبة المجتمع الذي تعيش

فيه في عزلها عنه نفسياً وجسدياً! وهو بذلك معضلة حقيقية تقف عائقاً في طريق

هذه المرأة نحو النهوض والتعلُّم والارتقاء، ونحوه!

ولم يقف دور الإعلام عند تصوير الحجاب بهذه الصورة الخلفية الرجعية!

وإنما تعدى ذلك إلى إيذاء المحجبات تصريحاً أو تلميحاً!

ففي الوقت الذي يدندن الإعلام حول إعطاء المرأة حريتها المسلوبة تتلون هذه

الدندنة وتصبح هجمة شرسة يمارسها الإعلام ضد كثير من المحجبات؛ كما هو

الحال مع فئة التائبات اللاتي أعطى الإعلام نفسه حق التحدث حتى عن نواياهن

وما تنطوي عليه قلوبهنّ! كما تولى كبر الهجوم على الحجاب بتأييده ومناصرته

لبعض الحكومات التي منعت المحجبات من دخول الجامعات ودور العلم ليمارسن

حقهنّ المشروع في الحياة!

أما التعدد: فليس بوسعنا تجاهل طرح الإعلام له بصورة متشنجة وعدائية

تزرع في حس المرأة شعوراً بأن التعدد حكمٌ شُرع عليها لا لها؛ وذلك بعرضه

المستمر للمشاكل والآثار الاجتماعية السيئة للتعدد بدءاً بكمٍّ هائل من قصص النزاع

بين الزوجات وضرائرهنّ وأزواجهنّ، وانتهاءاً بحالات التيه والضياع التي

يتعرض لها أبناء الأزواج المعدِّدين والذين ينشؤون بين عواصف مهيبة من الشقاء

العائلي!

وهذا كله لم يكن الهدف الإعلامي منه هو احتواء المشكلة وإيجاد حلول لها

وإنما الهدف كما يظهر إقصاء الحكم الشرعي كله وإظهار عدم تناسبه وتواؤمه مع

روح العصر ومعطياته! !

وإلا فإن الإيمان بما للتعدد من آثار اجتماعية سيئة قد تنتج عنه في حالات

وظروف معينة لا يجعلنا نلقي بلائمة على الحكم ذاته، وإنما ثمة أسباب حقيقية منها: فساد أخلاق المرء، وضعف دينه، وتجاوزه وعدم انضباطه بالآداب الإسلامية

المشروعة التي تُلزِم الشخص المعدِّد بضوابط وحدود معينة تتواءم مع الحركة

الطبيعية لبنية المجتمع الذي يعيش فيه. وهذا الشخص المعدِّد لم يكن الإعلام منصفاً

في تشكيل ملامح صورته؛ إذ أظهره على أنه شخص مغرِق بنزوات ورغبات

جنسية ملحة.

بينما يمارس الإعلام تجميل حالة أولئك الذين يتبعون رغباتهم بطرق حيوانية

وتحسينها؛ على الرغم من أن نتيجتها غالباً ما تكون جملة من انحرافات ورذائل

وجمهوراً من أطفال غير شرعيين!

الآثار الملموسة لإفساد المرأة ظاهراً وباطناً بفعل الإعلام الموجَّه: ... ...

لا شك أن وسائل الإعلام المختلفة بكل ما تمثله من هيمنة وسيطرة وانتشار قد

تركت آثاراً سيئة وبالغة الخطورة على شخصية المرأة المسلمة المعاصرة!

وهذه الآثار تبدو بدرجات متفاوتة كمّاً ونوعاً؛ إذ تختلف من مجتمع لآخر

ومن امرأة لأخرى. كما أن أساليب الإعلام في التأثير والتوجيه مختلفة ومتنوعة؛

إذ قد يكون قصير المدى يظهر نتاجه مباشرة. وقد يحدث التأثير في ظل عملية

تراكمية تحتاج فترة زمنية ممتدة وطويلة ليتم التغيير الكامل في المواقف والمعتقدات

والقناعات.

ولذلك فقد يطول بنا المقام لو أردنا عرض كل نماذج آثار الإعلام في إفساد

المرأة المسلمة؛ لكننا سنكتفي بذكر بعضها اختصاراً:

أولاً: ولعله أبرزها وضوحاً وأشدها خطراً وهو فقدان المرأة المسلمة لهويتها

الإسلامية وتميز شخصيتها وسحب قدر كبير من انتمائها لدينها وتراثها! وهذا

نتيجة حتمية للظاهرة المرضية المتمثلة في التقليد والتبعية (للآخر) !

فالصحافة النسائية أو البرامج المرئية الموجهة للمرأة المسلمة في أهدافها

وطبيعة مضامينها لا تعكس قيم المجتمع المسلم الذي تظهر فيه وتروَّج؛ بل تكرس

نموذج المرأة الغربية وتظهره بصورة ترسخ في الأذهان على أنه هو النموذج

القدوة! !

وهذا التكريس كان سبباً طبيعياً ومباشراً لضمور الفارق في الاهتمامات

والممارسات بين المرأة المسلمة المعاصرة في بعض البلدان الإسلامية وواقع المرأة

الغربية!

ثانياً: الفراغ الفكري والإغراق في الهامشية الذي تعاني منه المرأة المسلمة

المعاصرة:

ومع أنه يُفترض أن يكون للإعلام النسائي مهمة بنائية وتربوية تهدف إلى

الارتقاء بفكر المرأة نحو آفاق أشمل وأبعد؛ بحيث يكون دوره معها حلقة مستمرة

من التعليم والتربية والتثقيف.

إلا أن واقع الإعلام الموجَّه للمرأة يؤكد أنه قد مارس تهميش فكرها وتعامل

معها على أنها جسد وحسب!

فطغيان البرامج الترفيهية التافهة وإشغال جزء من ساعات البث، وصفحات

الصحف بالغث من الموضوعات التي تحصر اهتمامات المرأة بدائرة ضيقة تنطلق

بالاهتمام بالشكل وتنتهي إليه! بدءاً بالموضة والأزياء، الإكسسوار، وبرامج

التخسيس وعمليات التجميل! وانتهاءاً بكيفية استغلال المرأة إمكاناتها الشكلية

(المظهرية) للفت انتباه (الآخر) !

وحقيقة فإن طغيان مثل هذه المواد واحتلالها مساحة كبيرة من البث الإعلامي

يعكس نظرة الإعلام للمرأة؛ إذ يراها وجهاً وجسداً جميلين مع إلغاءٍ وإماتةٍ مستهدفة

لروح العقل والفكر والفهم!

وهذا كله جعل المرأة نفسها تعيش خواءاً فكرياً وفراغاً روحياً وخلطاً عجيباً

بين الغايات والوسائل! واختلالاً ظاهراً وعدم توازن في النظرة لكثير من الأمور؛

ففي الوقت الذي يتبلور المفهوم الإسلامي المعتدل للجمال على أنه وسيلة تأخذ منه

المرأة قدراً معيناً تُحقق به أنوثتها يزرع الإعلام في حس المرأة أن (الجمال

المظهري) غاية تستحق أن تبدد المرأة جهدها ووقتها ومالها بل وربما تعيش

لأجله! !

وبهذه الهمة الدنيوية والاهتمامات السطحية التي أصبحت تشغل المرأة

وتسيطر على تفكيرها أخرج الإعلام المرأة وحرمها المشاركة الفعلية التي ينادي

بها.

دور الإعلام الإسلامي في التصدي للهجمة:

لعل ما ذكر سلفاً يوقفنا وجهاً لوجه أمام القضية الأهم التي اقتضت هذا التناول

المتواضع وهي دور الإعلام الإسلامي للتصدي للهجمة الإعلامية تجاه المرأة

المسلمة.

وبداية فإن ثمة حقيقة يُفترض أن نعترف بها ونعتني بجوانبها وهي افتقار

الصحوة الإسلامية ذات الرصيد الجماهيري الكبير إلى الإعلام الشامل والفاعل.

وهذه الحقيقة (المرة) ستظل معضلة حقيقية نعاني منها حتى إيجاد الإعلام الإسلامي

القادر على المنافسة!

ونحسب أن هذا الإيجاد لن يكون إلا إذا تنامى الوعي الجماعي بأهمية الإعلام

في حياتنا وبمسيس حاجتنا إليه، وإذا تخلص أبناء الصحوة من سيطرة العقلية

النكوصية المتشوقة للماضي والتي تحفز لدى أصحابها أحاسيس العزلة والانسحاب

والخوف من الجديد سواء كان رأياً أو ثقافة أو مشروعاً حضارياً!

فالواقع أن المسلم المعاصر ليس راضياً عن الأوضاع القائمة في الإعلام

المعاصر ويرفض كل الاتجاهات والقيم والأسس السائدة المنبثقة منه.

وتنحصر رؤيته تجاه الإعلام بأنه عدو آخر يجب بغضه والحذر منه وإدارة

الظهر له وحسب! ! دون محاولة إيجاد بدائل «مسموعة، مرئية، مقروءة»

واتخاذها خطوة أولى في طريق الحل الطويل!

فالخطوة وإن كانت متأخرة عن مسيرة الإعلام (الآخر) وضئيلة مقارنة بحجم

قدراته وآلياته إلا أنها ستزرع الأمل بنقلة نوعية تتجاوز فيها ردة الفعل إلى الفعل

نفسه، وتتخطى الندب والتشاكي إلى العمل الجاد.

فقد مضى على الصحوة زمن طويل مارست فيه التحذير من جملة المجلات

والصحف والبرامج المرئية الموجهة للمرأة وذكر قائمة طويلة من مضارها

ومخاطرها، وتقديم حل إسلامي جاهز للعرض وهو مقاطعتها وإغلاق الأبواب

دونها وحسب!

بمعنى أن موقفها الإعلامي بدأ بالرفض وانتهى إليه.. وهو الموقف الأسهل

دائماً!

وكان يفترض أن يثمر هذا الموقف على الأقل عن أوراق عمل ودراسات

ومشاريع إعلامية مستقبلية مقترحة تساهم في إزالة الرهبة من خوض التجربة

الإعلامية لدى الإسلاميين وتشعرهم بأن هذا الكم الهائل والاهتمام الكبير بالمرأة

المعاصرة من قِبَل الإعلام (الآخر) والذي يغمرنا بقوالب متنوعة ما بين برامج

مرئية وصحف ومجلات متخصصة إنما هو تحكُّم في مستقبل هذه المرأة، وتشكيل

لفكرها وعقليتها، وصياغة جديدة لممارساتها واهتماماتها على غير ما نريد! !

ومن ثَمَّ فإن المقاطعة ستبقى حلاً مؤقتاً لو ناسب مرحلة زمنية معنية افتراضاً

فلن يُناسب المراحل التي ستليها يقيناً.

فالاختراق الثقافي الذي تتسع دائرته يوماً بعد آخر سيتيح للجيل إلغاء الحدود

والسدود وعنصري الزمان والمكان ثم امتلاك القدرة للوصول إلى جميع أنحاء

العالم؛ وربما يكون ذلك بطريقة أقل تكلفة وأسهل استعمالاً من الضغط على

الريموت! ! لذا فليس من الواقع المنطقي والعملي ونحن أمام ثورة تقنية ضخمة لوسائل الاتصال أن نربي الجماهير على المقاطعة والانعزال ونحرمها من التكيف الإيجابي بإيجاد البديل الهادف الذي يحفظ خصوصيتنا العقائدية والثقافية، وفي الوقت ذاته يكون عوضاً لنا عن مرارة الشكوى وسلبية الانعزال.

وثمة ملامح أولية لهذا التكيف أوجزها فيما يلي:

1- ضرورة توعية الأمة بأهمية الإعلام، والتذكير بأننا أمة قام تاريخها

المجيد من خلال وسائل إعلام إما مقروءة مثلها الكتاب، أو مسموعة من محاريب

يرتفع صوتها بالقرآن ثلاث مرات يومياً، ومن منابر ارتفع منها صوت الخير

والنصر والإرشاد منذ مرحلة التأسيس وإلى قيام الساعة.

2- أهمية الاحتفاء بالبحوث والدراسات والممارسات الإعلامية على

اختلاف هويتها وتوجهاتها ومحاولة استيعابها والإفادة منها، مع تحريض النخب من

الإسلاميين من ذوي الخبرة المهنية والميدانية لتقديم رؤاهم ومعالجاتهم للاتكاء عليها

في بداية التجربة؛ فقد تلفت النظر لمسارات واتجاهات إعلامية غائبة نحن بحاجة

إليها.

3 - صناعة البدائل الإسلامية في مجال الإعلام بمختلف فنونه وضروبه

وألوانه؛ على أن تكون هذه البدائل ملتزمة بالرؤية الإسلامية ومؤطَّرة بالمرجعية

الشرعية، مع تذكير المتلقي المعاصر إلى أن صياغة هذه البدائل صياغة إسلامية

إنما هو صورة من صور التحدي الحضاري الذي يواجه الأمة في الحاضر

والمستقبل، ويتطلب من أبنائها مزيداً من سعة الأفق والمرونة والإنصاف والتخلص

من الأحكام الجاهزة (ومبدأ: إما صفر أو مائة بالمائة) ! ! إذ إن وجود خلل أو خطأ

أو تجاوز هو من طبيعة العملية الإعلامية ولا شك.

4 - الرؤية الشاملة للإعلام الإسلامي المنتظر وعدم حصره بالإعلام الديني

البحت؛ حيث لا يُنتظر منه التركيز على إيضاح الجانب العبادي، كما هو الحال

مع نتاج الصحافة الإسلامية الذي يغلب عليها ما يتعلق بالعبادات، وكما هو الحال

أيضاً مع البرامج المرئية الدينية التي لا يعدو نتاجها عن فتاوى وأحكام وتوجيهات

وعظية مباشرة وتلاوات قرآنية مكررة.

5 - الإلمام بالواقع الذي ينبثق منه الخطاب الإعلامي الإسلامي ويوجه إليه؛

بحيث يستند في مضامينه إلى تصور موضوعي لواقع متلقيه والمستفيدين منه

واحتياجاتهم الحقيقية؛ ففي قضية المرأة مثلاً: لا بد أن نحدد أولاً من هي المرأة

التي نتحدث إليها؟ واستيعاب كامل مراحلها العمرية واهتماماتها وقابليتها، ومن

ثَمَّ: ماذا نُريد منها؟ وماذا نُريد لها؟

بمعنى أن يكون لإعلامنا مع المرأة المسلمة هدف رئيس ينشد تحقيقه؛ بحيث

لا يكون جل نتاجه ردود أفعال لأطروحات الآخر أو تفنيداً لآرائه وهجماته

وحسب؛ فالأصل تقديم مادة ذات مهمة وقائية بنائية معاً؛ بحيث تبني شخصية المرأة المتلقية المتزنة والمستقلة القادرة فيما بعد على تفنيد ما تسمعه أو تراه أو تقرؤه!

وبعد: فهذه الكتابة لا تعدو عن كونها ومضات أمل بأن ترفع الأمة راية

جهادها الإعلامي فتخوض معركة الكلمة والمعتقد في زمن تجوبه الأقمار

الصناعية، وتسود فيه الذبذبات الإذاعية ليل نهار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015