المنتدى
إبراهيم آل عبد الكريم
قد نجد من الذين يجاهرون بالمعاصي من يعلل عصيانه باعترافه بالخطأ وبأن
كل إنسان يخطئ. نعم لا نختلف في ذلك ولكن الإصرار على المعصية الصغيرة
تؤدي إلى مقام الكبيرة، وقد تؤدي إلى الشرك والضلال وترك الإسلام. وهذا
التدرج من تحقير إبليس للصغيرة حتى يقع الشخص بالكبيرة وهكذا دواليك. والله- سبحانه وتعالى - نهانا في محكم التنزيل عن اتباع خطوات الشيطان فقال -
سبحانه -: [ولا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ] [البقرة: 168]
ومنطلق خطواته بداية من التحقير لأهمية بعض العبادات، فيدخل من باب حكم
العبادة: أهي جائزة أم سنة؟ أو من باب الرياء فيدخل قلب المؤمن ويوسوس بنفسه، ويقول له: أنت تعمل كذا لأجل كذا، أو يصور له أن من حوله يشاهدونه وهو
يقوم بها فإذا أحسن عبادته أوقع إبليس بنفس العبد الخوف من الرياء، ثم يخطو به
خطوة إلى ترك العبادة، ومن ثم يستدرجه في ترك عبادات كثيرة حتى يصل إلى
مرحلة الوقوع في المحرمات.
فلتحذر أخي المسلم من اتباع خطوات الشيطان ولنستعذ منه دائما كما أمرنا
سبحانه: [وإمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ]
[الأعراف: 200] .
وللوقاية من الشيطان أمور عدة منها:
أولاً: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم:
قال الله - تعالى: [وإمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إنَّهُ سَمِيعٌ
عَلِيم] [الأعراف: 200] . وفي صحيح البخاري عن عدي بن ثابت عن سليمان
بن صرد قال: كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجلان يستبان.
فأحدهما احمر وجهه وانتفخت أوداجه، فقال النبي: (إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب
عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ذهب عنه ما يجد) . [رواه
البخاري: ح / 5588]
ثانياً: قراءة آية الكرسي:
[اللَّهُ لا إلَهَ إلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ ... ] [البقرة: 255] ، وفي الصحيح من
حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: (وكلني رسول
الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتى آت، فجعل يحثو من الطعام.
فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ) فذكر الحديث إلى أن
قال - فقال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي؛ فإنه لن يزال عليك من الله
حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (صدقك
وهو كذوب. ذاك الشيطان) . [رواه البخاري، ح / 3033]
ثالثا: خاتمة سورة البقرة:
[آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إلَيْهِ مِن رَّبِّهِ والْمُؤْمِنُونَ ... ] [البقرة: 285] وقد
ثبت من حديث أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه) [رواه البخاري، ح / 37071] ، وفي الترمذي عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله
كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق بألفي عام، أنزل منه ايتين ختم بهما سورة البقرة،
فلا يقرأن في دار ثلاث ليال فيقربهما شيطان) . [رواه الترمذي، ح / 12807]
رابعا: الوضوء والصلاة:
وهذا أعظم ما يتحرز به منه، ولا سيما عند توارد قوة الغضب والشهوة،
فإنهما نار في قلب بني آدم، وفي الحديث: (إن الشيطان خلق من نار، وإنما تطفأ
النار بالماء) [رواه أبو داود، ح / 4152] .
خامسا: قراءة المعوذتين:
[قل أعوذ برب الفلق] [الفلق: 1] و [قل أعوذ برب الناس] [الناس:
1] فإن لهما تأثيرا عجيبا في الاستعاذة بالله من شره ودفعه والتحصين منه. ولهذا
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما تعوذ المتعوذون بمثلهما) .
سادسا: قراءة سورة البقرة:
ففي الصحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: (لا تجعلوا بيوتكم قبورا، وإن البيت الذي تقرأ فيه البقرة لا
يدخله الشيطان) . [رواه الترمذي، ح/ 12802]
سابعا: التهليل مائة مرة:
ففي الصحيح من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... (من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء
قدير، في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة،
ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم
يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر من ذلك) [رواه البخاري، ح/
3050] .
ثامنا: كثرة ذكر الله - عز وجل -:
ففي الترمذي من حديث الحارث الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: (إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات.....) الحديث. وفيه: ... (وآمركم أن تذكروا الله، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في إثره سراعا، حتى أتى على حصن فأحرز نفسه منهم؛ كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله) [رواه الترمذي، ح/ هـ 1279] فيجب علينا جميعا أن لا نخدع وراء الأمواج العاتية التي يحركها إبليس وأعوانه ليصطاد من بني آدم ويقذف بهم معه في نار جهنم - والعياذ بالله - وندعو الله أن يصلحنا وذرياتنا فإنه الهادي إلى سواء السبيل.