المنتدى
عبد الرحمن السنيدي
هناك تعتيم إعلاميٌّ على ما يجري لإخواننا مسلمي الشيشان في محنتهم فلا
خبر ولا إعلام عن مآسيهم، وما يفعله بهم الروس الحاقدون من وحشية وظلم
وطغيان وإهانات وتمثيل؛ محاصرين في قراهم ومدنهم محرومين من أبسط
مقومات الحياة يُمطرون ليل نهار بحمم القذائف والنار من الطائرات والصواريخ
والدبابات والمدافع في أبشع صور الوحشية والطغيان مع تأييد غربي وموافقة ما
داموا مسلمين؛ فليس هناك مجلس أمن ولا أمم متحدة ولا حقوق إنسان؛ فالمكيال
يختلف عما جرى في تيمور الشرقية وغيرها لأبناء ملتهم النصارى من تدابير
عاجلة وإعلام هائل وتحرك الأمم المتحدة ودولهم بإرسال القوات بأسرع وقت ممكن. ومن يعرف خفايا الغرب وموقفه من الإسلام وأهله لا يستغرب ذلك؛ بل الذي
يدمي القلب أن (52) دولة إسلامية مجتمعة أو منفردة لا تفعل شيئاً تجاه إخوان لهم
يفعل بهم هذه الأفعال ولا يحركون ساكنا؛ لأن هناك خللاً كبيراً في إسلامهم
وصلتهم بربهم وهذا والله منتهى الذل والهوان. فأين جيوش أسلافنا رحمهم الله
ونخوتهم المعتصمية؟ بل ليت الإسلام والمسلمين يسْلَمون من مكر بعض دولهم
ومحاربتها الشنيعة لكل ما هو إسلامي حتى فاقت في ذلك دول الكفر واليهود.
نعود إلى أحوال إخواننا المدنيين في الشيشان فنقول: إن الروس كإخوانهم في
القومية يكررون التوقيت لشن عدوان الإبادة الوحشية مثلهم مثل الصرب الحاقدين؛
ففي العام الماضي شن الصرب عدوانهم علي مسلمي كوسوفا في شهر رمضان
المبارك في توقيت مقصود ومبيت على ذبح المسلمين في مناسباتهم الدينية، وفي
هذا العام في وقت لم يغب عن مخططي عسكر روسيا لعملياتهم العدوانية ضد
إخواننا في الشيشان قبل حلول رمضان المبارك بأيام قلائل، وذلك بعد افتعال
التفجيرات لإثارة الرأي العام الروسي ضدهم وليحققوا بذلك مكاسب انتخابية والذي
تولى كبره منهم مجرمهم الكبير (بوتين) الرئيس الحالي بالوكالة.
بدؤوا قاتلهم الله عدوانهم بتدمير محطات الكهرباء، ثم ركزوا القصف على
الأسواق والمراكز الإسلامية في المدن والقرى الشيشانية لتختل مقومات الحياة
وتدمر؛ لإبادة الشعب كله وليواجهوا هجمات شتاء برد قارس وهم عزل من كل
شيء سوى القذائف والصواريخ التي تمطر عليهم. ولنورد هنا مثلاً وإشارة لما
يجري لإخواننا هناك من ممارسات تكشف مدى الوحشية والحقد الدفين؛ ولكن
ليتصور المرء كيف يرجع مهاجر إلى بلدته رغم أنها تحت القصف المتواصل
وتمطر بالقذائف حتى المحرمة دولياً إلا أن تكون على المسلمين ليل نهار فذلك شأن
آخر. هذا هو ما حصل لإخواننا في الشيشان: لقد فروا فلم يجدوا ملجأً إلا العراء
في برد قارس يكسو الأرض بالثلوج، أو بعض خيام بلا فراش ولا طعام ولا أي
شيء من مقومات الحياة؛ فلذلك آثروا العودة لديارهم المدمرة تحت القصف المذكور
لعله أرجا لهم بعد أن مات منهم من مات وتقطعت أشلاء بعضهم من القصف، لعل
الله أن يجعل لهم فرجاً ومخرجاً. توقيت مقصود وتواطؤ دولي مريب.
ثم ما هي ممارسات العسكر الروس وتصرفاتهم تجاههم؟ هذا ما سنذكره مثالاً
وإشارات لما يجري ضد إخواننا هناك ولعل من أبلغ القول ما شهدت به الأعداء؛
فقد نشرت جريدة سبعة أيام الجورجيه في عددها الصادر برقم 47 في 25/11/
1999م تقريراً كتبته عن الشيشان من الميدان على لسان صحفية جورجية ومعها
صحفي ألماني يقول التقرير باختصار: علماً أن جورجيا تخالف دين الشيشان ...
وتعاديهم: تعتبر قرية (قالمي) أقرب إلى جورجيا وأول لقاء مع الحرب، وتبدو
حولها السيارات المحترقة من جميع الجهات وحول السيارات صمت رهيب باستثناء
طائرة روسية تبحث عن هدف آخر. القرية كلها دمرت بالكامل نحن نخطو بحذر
شديد تجاه القرية المدمرة وبعد هذه القرية تليها قرية نصف مدمرة والباقون من
سكانها على قيد الحياة هم الذين لم يستطيعوا الخروج وقادونا أولاً إلى منزل سُوِّي
مع الأرض، ثم روضة أطفال لم يبق منها سوى المدخل الذي كُتب عليه تحية من
الأطفال: (نحن نرحب بكم وننتظركم بقلوبنا وأرواحنا) حيث ذهب بقية الأطفال
حرقاً داخل الروضة التي دمرتها طائرات روسية، وفي اليوم الثاني عندما كان
أقرباؤهم يوارونهم التراب قامت المروحيات الروسية بالتحليق فوقهم وكل ذلك
يجري بجوار القرية وبجانبها حافلة مليئة باللاجئين. تبدو لنا وجوه الأطفال خائفين
مرعوبين وفجأة بدأ القصف على الحافلة بالصواريخ الحارقة، والمحرك وخزان
الوقود هما الهدف الأول بالنسبة لهم؛ ثم شعرنا بقوة الانفجار والارتجاج والحافلة
تحترق، ولم يستطع أحد من الركاب الخروج فاحترق كل من فيها من الأطفال
والنساء. وفي إحدى القرى قرب جروزني عذب أحد السكان حتى الموت حين قام
جنود فيلق روسي كامل بإطفاء سجائرهم على جسمه العاري وأجبروه على المشي
على الثلج حافي القدمين، وأمام عينيه قام الجنود الروس باغتصاب زوجته. ودون
رحمة قام هؤلاء بتعذيب ثلاثة أفراد من عائلة شيشانية، وتحمَّل الثلاثة جميع أنواع
التعذيب الروسي الإجرامي وفنونه فأحدهم قتلوه رمياً بالرصاص بعد تعذيبه،
والآخر قطعوا قدميه، والثالث نزعوا كبده وهو حي وقطعوا يديه حتي المرفق.
إنها حرب إبادة شاملة ضد هذا الشعب المسلم الذي يعتبر عملة نادرة بين شعوب
المسلمين اليوم. هذه مقتبسات من التقرير وهي غيض من فيض وإشارات لما
يجري في عرض البلاد وطولها من تصرفات إجرامية روسية، وهكذا هو الإنسان
في عقلية الحاكم الروسي وجيشه والغرب في مباركاته لذلك ودعمه. والحق ما
شهدت به الأعداء. أما أخبار المجاهدين فإنها تصل بفضل الله عن طريق الإنترنت
ويتبين منها ارتفاع معنوياتهم وكثرة إيقاعهم بجند الشيطان الجبناء الذين لا يواجهون
مواجهة مباشرة، وأحوال أخرى تسر المسلم، ويطلبون فيها الدعاء من إخوانهم.
وإني أحث كل مسلم على الاطلاع عليها ليرى فيها كيفية الاختلاف بين الإعلام
الروسي والعالمي الكاذب المرجف وبين الحقائق على الواقع. نسأل الله لهم عاجل
الفرج والنصر والعز والتمكين ...