البيان الادبي
خاطرة أدبية
سالم بن عبد الله الشقي
إنّ مما لا ينمحي من الذاكرة - في ركن الهوامش غير المفيدة منها - العبث
الساذج الذي قاده في حقبة غابرة المأفون (مسيلمة) بخروجه عن دائرة المنطق
المعقول إلى بيداء الضالين سبيلاً، المنصوصة بمقطوعاته المضحكة من
(الضفدعة) أو (طبق الخبز) ، إنها الفقاقيع التي تتلاشى في هواء الحق والحقيقة
حين تصّاعد، أو حين لا تتجاوز الحروف مخارجها، ولعل من عهده ذاك تأسست
الشركة المعمّرة التي ظهرت في السوق منتجاتها مختومة باسم (الفقاقيع المسيلماتية
الأدونيسية المتحدة) تلك المنتجات ذات الذات النتنة والرائحة المستقذرة التي تتهافت
عليها الحشرات الهاربة من رائحة (الأترجة) وطعمها؛ إذ تنكب زبائن أغرار سبيل
الفطرة السوية وطفقوا يتلقفون بنهمٍ جشعٍ تلك المنتجات حتى عسكروا إقداماً مراهقياً
على وصيد (جحر الضب) ، يترقبون احتفال قص الشريط من سدنة (الشركة)
فيدخلونه! كل ذلك سعي لا تباطؤ فيه على الطريق الممتدة إلى جنون العظمة أو
عظمة الجنون!
وهم إذ ذاك يتبايعون في سوق خاصة، تروج فيها سلع المدح والإطراء
والثناء كيلاً لا تطفيف حتى لفائضه! معاطاة عن تراض بلا خيار! وتحركت
كوامنهم إبَّانئذٍ (براً بأسلافهم) فشرعوا يبرزون الصور الدعائية، ظاهرها فيه
(الإبداع، والحرية، والتجديد) وباطنها من قبله (الخروج عن نصوص الشرع،
ونبذ القديم بما فيه الوحيان، وتغطية النقص بالغموض) ووصف حالهم لا يعدو
كلمتين أنهم قوم (افتضحوا فاصطلحوا) وسرعان ما تقفز إلى مخيلتك قصة الغراب
المضحكة في مشيته اللقيطة!
إبداع أحدهم أن يحشد جمعاً من الكلمات الفواحة المتنافرة في الجمع أشبه ما
تكون بخلط مختلف الأطباق في طبق واحد يحمل على الغثيان قبل وعكة البطن!
وبشرط أن يتقن في طريق الإبداع - لعبة (القص والتلصيق) بين قصاصات
مجزأة من معجمات اللغة الثرة؛ تلك الكلمات التي تأبى الترابط والاجتماع فتظل
متثائبة ليس لها عمل في بناء معنى أو ربط جمل أو توصيل فكرة، وما تدري
حينها أهي التي تتثاءب أم أنت؟ غير أنك ستذكر يوم أن أسلمتها إلى النوم وأخلدت
إليه.