منتدى القراء
وليد عبد الجابر أحمد
التربية كلمة نسمعها كثيراً وصارت تتكرر كثيراً؛ لأن جميع الفصائل
الإسلامية أدركت أن التربية أساس البناء وهي الطريق للعودة بالأمة إلى مكانتها
التي أرادها الله لها.
ولكن تبقى القضية الأساسية: على أي شيء نربي؟ وكيف نربي؟
فالكل يُربي والكل يدرك أهمية التربية، والشيوعية لها مناهج في التربية،
ومناهج في الحياة، وكذلك الرأسمالية.. كل المذاهب والفلسفات.. الكل يُربي، لذا
فالقضية الأساسية: على أي شيء نربي؟
اتجه بعض المربين الإسلاميين إلى استلهام كتب علم النفس، واختاروا منها
ما ينفع ويتفق مع الإسلام وطبقوه، واتجه بعضهم إلى القيام بمحاولة التأصيل
الإسلامي لعلم النفس، ولكن المفارقة بين التصور الإسلامي للحياة وكل التصورات
المنحرفة الضالة الأخرى باقية واضحة.
واتجه بعض آخر من المربين الإسلاميين الذين أدركوا أهمية المنهج الإسلامي
وأفضليته إلى الاقتصار على ذلك المنهج، ولكنهم للأسف وضعوا كل هذا في قالب
من المصطلحات التربوية الغربية، ولعلهم فعلوا ذلك ليجعلوا المسلمين متابعين
خطوات التطور في الفكر التربوي، أو لأنهم كانوا يحاكون بتلك الدراسات
الجامعات الغربية، وهؤلاء لا نبخسهم حقهم أيضاً؛ ولكنه كما قرر سيد قطب في
كتابه: (خصائص التصور الإسلامي) : (أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين طبيعة
الموضوع وطبيعة القالب الذي يعرض فيه، وأن الموضوع يتأثر بالقالب، وقد
تتغير طبيعته ويلحقه التشويه إذا عُرض في قالب ليس له) [ص 17] ، فكان الأوْلى
بهم أن يعرضوا موضوع التربية الإسلامية في قالب هو له: قالب التصور
الإسلامي والمفاهيم الإسلامية.
ومن أجل التربية كما تذكر بعض كتب السير مكث رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- ثلاثة عشر عاماً يربي؛ ليخرج بثلاثمائة فرد. ولا نستقل العدد؛
فهؤلاء الثلاثمائة هم الذين نشروا الإسلام وبنوا مجده. ويتكرر السؤال مرة أخرى:
على أي شيء نربي؟ وتكون الإجابة القاطعة الصريحة: على ما ربّى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أصحابه. هذا هو منهج التربية وهذا هو طريق التمكين.
وهل على غير القرآن الكريم ربّاهم الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ إنه
القرآن فقط؛ فالعودة العودة للقرآن والسنة، واستخراج أساليب التربية منهما؛
ففيهما طريق التمكين.