تأملات دعوية
عبد الله المسلم
يطرح كثير من المتحدثين حول الصحوة الإسلامية اليوم وجيلها سلبياتٍ
وأمراضاً تنتشر لدى أتباعها، وهي تُولّد انطباعاً سيئاً وروح إحباط لدى من يستمع
لمثل هذه الآراء، مثل:
ضعف المبادرة الفردية، الفوضى وقلة الاكتراث بالوقت، ضعف المهارات
والقدرات القيادية، الرتابة في أساليب العمل وطرق الإدارة، السطحية وضآلة
التفكير، تركز النجاح في الأعمال والمشروعات الفردية أكثر منه في المشروعات
والأعمال الجماعية ... إلى آخر هذه القائمة من المشكلات.
إنها قائمة طويلة من الأمراض والسلبيات نسمعها عند الحديث حول جيل
الصحوة. وبغض النظر عما في التركيز على لغة النقد واحترافها من آثار سلبية،
ومن مبالغة في أحيان كثيرة، إلا أن هناك جانباً له أهميته ينبغي ألا يهمل عند
تناول هذه القضايا ألا وهو: أن معظم هذه المشكلات إنما هي نتاج وإفراز لأوضاع
المجتمع وبيئته الثقافية والفكرية السائدة؛ فهذه المشكلات التي يعاني منها الغيورون
على الصحوة موجودة ومتمثلة في كافة مؤسسات المجتمعات الإسلامية.
والنتيجة وإن كانت لا تختلف عند تقرير هذه الحقيقة إلا أن هناك سلبيات تنشأ
عن تجاهل هذا الجانب، ومنها:
- تحميل جيل الصحوة نتائج أعمال ليست من مسؤوليته.
- أن هذا يؤدي إلى شعور بالإحباط، واحتقار لكثير من جهود العاملين
الخيّرين حين يُحمّلون مسؤوليات أعمال ليست من صنعهم.
- أن هذا الأمر سينعكس أثره على الحلول المقترحة والمطروحة، فتتمحور
حول العلاج المباشر لهذه القضايا، والذي يعتمد على الطرح المعرفي المباشر لهذه
المشكلات من خلال قوالب جاهزة يعاد تشكيلها تبعاً لنوع المشكلة (التعريف،
المظاهر، الأسباب، العلاج ... ) وهذا الطرح يفتقد إلى حد كبير للعمق والعلاج
الحقيقي للمشكلة، ولا يعدو أن يكون كالوصفات التي يصرفها الطبيب لأي مريض
بغض النظر عما يعاني منه.
- وبغض النظر عن العلاج الذي يقترح لهذه المشكلات، إلا أنه لا بد أن
يتضمن التحليلُ الأفقي لهذه المشكلات تصنيفَها في مجموعات متجانسة؛ إذ إن
طائفة منها تعود إلى الضعف الإداري، وأخرى تعود إلى غياب الروح الجماعية في
العمل، ومنها ما يعود إلى النمط التقليدي في التفكير ... فهذا يسهم كثيراً في
اختصار خطوات الحل.
- وعلى اعتبار أن القياديين والمربين هم نتاج المجتمعات المعاصرة، فهم
يعانون من المشكلات التي يُفترض أن يعالجوها لدى المدعوين والمتربين، فتدور
القضية في حلقة مفرغة، فلا بد أن تكسر هذه الحلقة، ولا بد من تحديد نقطة للبدء
في ذلك.
- ومما يعين على تجاوز هذه المشكلات الشعور بأهمية الارتقاء بمستوى
التفكير، والبعد عن السطحية في تناول القضايا، وإيجاد البيئة الفكرية الراقية داخل
قطاعات الصحوة وبرامجها.
- ومهما افترضنا من الحلول والمقترحات فلا بد أن نشعر شعوراً ضرورياً
أن هذه المشكلات ليست من صنعنا ليكون التعامل معها تعاملاً صحيحاً، والله
الموفق وعليه التكلان.