منتدى القراء
بقلم: طارق عبد الفتاح السيد
(النذير العريان) هو ذلك الرجل الذي كان يحتل أعلى الجبل أو الهضبة، حتى
إذا رأى الأعداء قد اقتربوا لمهاجمة قومه خلع ملابسه ولوّح بها لهم، ينذرهم
ويحذرهم من اقتراب العدو، وكونه عرياناً أبلغ في الإنذار؛ ليعلموا أن الأمر جد لا
هزل فيه ويعدّوا للأمر عُدته.
وفي الواقع: إن الأمة الإسلامية اليوم لتمر بحالة هي أحوج ما تكون فيها إلى
هذا (النذير العريان) ، ولن تجد الأمة الإسلامية أنصح ولا أخلص في النصح من
دعاة الإسلام والعاملين له، فإن المؤمنين نَصَحة والمنافقين غَشَشَة.
إن هؤلاء الدعاة من وجهة نظري مثل كريات الدم البيضاء التي تصد الغزاة
(الجراثيم) ، وتعطل تقدمهم وتكاثرهم، فإذا دخلوا الجسد قاومتهم بشدة واستماتة
حتى الاستشهاد إذا وجب الأمر.
ولا مناص إلا أن يرشح الدعاة أنفسهم ومعهم كل عامل للإسلام لهذا المنصب
الخطير، منصب (النذير العريان) ؛ فقدوتهم -صلى الله عليه وسلم- قال فيما
أخرجه الشيخان عن أبي موسى (رضي الله عنه) : (إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به
كمثل رجل أتى قوماً، فقال: يا قوم! ، إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا (النذير
العريان) ، فالنجاء، فأطاعه طائفة من قومه، فأدلجوا فانطلقوا على مهلهم فنجوا،
وكذبت طائفة منهم، فأصبحوا مكانهم، فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك
مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من
الحق) .
نعم.. إنه -صلى الله عليه وسلم- (النذير العريان) ، ونحن بإذن الله (تعالى)
ورثته -صلى الله عليه وسلم- الشرعيون، فلا خيار إلا أن نرفع الراية ونقبل هذا
المنصب العظيم.
وهذا المنصب يقتضي أن يكون الدعاة في كامل قواهم العقلية والذهنية، وأن
يتحلوا بما يُطلق عليه (حاسة الاستشعار عن بعد) ، وقبل ذلك وبعده: إخلاص لله
(عز وجل) ، وعلم شرعي تنجلي أمامه الشبهات.. وبهذه العُدَد نحذر قومنا وننبههم.. وسيؤكد الواقع إن شاء الله صدق حدسنا وظننا، فتثق بنا الجماهير، وقبل ذلك
بالحق الذي نحمله.