المسلمون والعالم
جماعة الأحباش..
حقيقتهم واتجاهاتهم
(2 من 2)
بقلم: عبد الرحمن بن عبد الله الحجاج
تحدث الكاتب في الحلقة السابقة عن نشأة جماعة الأحباش مفصلاً القول عن
مؤسسها، الذي وفد من الحبشة إلى دمشق ثم بيروت، وأردف بالحديث عن الانحرافات العقدية عند تلك الجماعة المباينة لأهل السنة، وذلك في مسائل ثلاث مهمة: عقيدتهم في صفات الله، وتوحيده، وعقيدتهم في رسول الله وسنته، ويواصل الكاتب في هذه الحلقة عرض بقية الموضوع.
- البيان -
4- أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والسلف الصالح والأئمة والعلماء:
عقيدة الأحباش في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيها شبه كبير
من عقيدة الرافضة، فهم يقولون بلا خجل ما يقتضي الطعن في أم المؤمنين عائشة
(رضي الله عنها) [1] ، ويفسقون صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وكاتب الوحي معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه) [2] ، بل إنهم يقولون عن ... كل من اشترك من الصحابة ضد علي (رضي الله عنه) : إنه من الدعاة إلى ... النار [3] [*] ، بل قد بلغت جرأة شيخهم وكأنه دخل في قلب معاوية (رضي الله عنه) فعرف ما لا يمكن أن يعرفه إلا الله (جل وعلا) أن يقول: (ثم ليُعلم أن معاوية كان قصده من هذا القتال: الدنيا، فلقد كان به الطمع في الملك وفرط الغرام في الرئاسة) [4] .
وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا تسبوا أصحابي،
فلو أن أحدكم أنفق مثل أحُد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) [5] ، وقال الله
(تعالى) : [وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَذِينَ سَبَقُونَا
بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ] ... [الحشر: 10] .
وقد شابه الأحباش الخوارج في مسائل التكفير، فقد كفّروا كثيراً من علماء
المسلمين وأئمتهم ودعاتهم، فهم يطعنون في الإمام الذهبي، ويكفرون ابن خزيمة،
ويسمون كتابه (التوحيد) كتاب الشرك، كما يُكفرون ابن القيم وابن كثير (رحمهما
الله) ، أما شيخ الإسلام ابن تيمية وإمام الدعوة محمد بن عبد الوهاب فتكفيرهما على
لسان كل حبشي صباح مساء، ولم يسلم أعلام الأمة المعاصرون من تكفير الأحباش، وفي مقدمتهم: المشايخ: الألباني وابن باز وابن عثيمين وسيد سابق.. وغيرهم
من العلماء والدعاة والمفكرين.
والأحباش يفترون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه والسلف
الصالح، وهم يستغلون جهل أتباعهم لتمرير تلك المفتريات، ومن أمثلة ذلك: قول
شيخهم: (إن مذهب الأشاعرة والماتريدية هو مذهب رسول الله والصحابة والسلف
الصالح) [6] ، أما افتراؤهم على الأئمة والعلماء فحدث ولا حرج، وخاصة على
شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) الذي افترى عليه شيخهم، حيث ادعى أنه قال:
(إن من خالف في مسألة الطلاق فهو كافر) [7] ، ولكن ابن تيمية يقول: (إن من
خالف في مسألة الطلاق فهو مجتهد معذور مأجور عند الله) [8] .. وأمثال هذه
الأكاذيب كثيرة جدّاً في كتب شيخهم، سواء على شيخ الإسلام أو غيره من علماء
أهل السنة والجماعة.
رابعاً: فتاواهم العجيبة:
لم يكتف الأحباش بالفساد في العقيدة، بل تعدوا ذلك إلى الفساد في السلوك.
وللأحباش فقه عجيب يدعو إلى التبرج والفجور والمجون.
فهم يقللون من شأن المعاصي، مثل لمس المرأة الأجنبية، بل ومفاخذتها!
فيجيزونه بحجة أن ذلك من الصغائر [9] ، وذلك لترويج مذهبهم بين الشباب
المراهق المنحل وأصحاب النفوس المريضة، ويفتي الأحباش بجواز الاختلاط بين
الرجال والنساء [10] ، بل يجيزون للمرأة أن تخرج من بيتها متعطرة متزينة، إذا
لم تُرِدْ فتنة الرجال [11] ! ! ويستدل شيخهم على ذلك بحديث: (أيما امرأة
استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية) [12] ، حيث قال
شيخهم: (فقوله: (ليجدوا ريحها) بيان منه أنه لا يحرم على المرأة خروجها متطيبة
إلا إذا كان قصدها ذلك) [13] ، ولو كان عند هذا الرجل مثقال ذرة من فقه لَعَلِم أن
اللام في الحديث ليست للتعليل، بل للصيرورة والعاقبة، كما في قوله (تعالى) : ... [فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُواً وَحَزَناً] [القصص: 8] ، أي: ليكون عاقبة
أمره أو ليصير لهم عدوّاً وحزناً، فهم لم يلتقطوه من أجل أن يكون لهم عدوّاً وحزناً، فهذا لا يقول به عاقل، بل التقطوه ليكون قرة عين لامرأة فرعون، فمعنى
الحديث: أن أي امرأة استعطرت ثم خرجت ستكون نتيجة ذلك أن يجد الناس
ريحها، وهذا التأويل الذي قاله الحبشي إذا لم يدل على الجهل المطبق، فإنه يدل
على تعمد إفساد نساء المسلمين؛ وذلك لأن الأحاديث الواردة في الترهيب من
خروج المرأة كثيرة معلومة، كقوله: (أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد لم
تقبل لها صلاة حتى تغتسل) [14] ، وقوله: (أيما امرأة أصابت بخوراً، فلا تشهد
معنا العشاء الآخرة) [15] .
ونساء الأحباش في ظل هذا الفقه الأعوج يلبسن الثياب الشفافة الضيقة التي
يرى باطن الجسم من ظاهرها، بزعم أن الواجب هو ستر البشرة، كما أفتى لهم
مشايخهم [16] ، وعندما سئل أحد شيوخهم: إن كثيراً من نساء الأحباش يمشين
بين الرجال الأجانب بالبنطلون الضيق جدّاً (الّجينز) ! ، قال: (إننا نجمع بين
الموضة والسترة) [17] .
هذا ما يقوله الأحباش، أما محمد -صلى الله عليه وسلم- فيقول: (صنفان
من أهل النار لم أرهما) ، وذكر: (نساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات،
رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها
ليوجد من مسيرة كذا وكذا) [18] . ولعلنا نختم هذه الإلماحة بفتوى إباحية عجيبة
لشيخهم، حيث يقول: (إن مجامعة الخنثى في نهار رمضان لا تفطر، إذا جومع
في آلته الزائدة) [19] ! ! ! و (إنا لله وإنا إليه راجعون) .
خامساً: الفقه الشاذ عند الأحباش:
للأحباش فقه شاذ لم يسبقهم إليه أحد، ونذكر هنا أمثلة على هذا الشذوذ الفقهي:
1-إسقاط الزكاة في العملة الورقية، وإيجابها في الذهب والفضة فقط، حيث
يقول شيخهم: (لا زكاة في الأثمان غير الذهب والفضة، لأن النبي -صلى الله
عليه وسلم- لم يذكر زكاة غيرهما) [20] .
2- فتوى: أن الأم إذا لمست بول طفلها أثناء تنظيفه، فإن ذلك يعتبر كبيرة
اقترفتها! ! [21] .
3- اتباع الحيل لترك الواجبات، مثل أكل الثوم والبصل لترك صلاة
الجماعة.. وغيرها من الحيل [22] .
4- التناقض العجيب في الفتوى، حيث تجوز عند الحبشي الصلاة متلبساً
بالنجاسة، حتى لو كانت من بول الكلب أو غيرها من النجاسات [23] ، ... وفي المقابل، وفي الكتاب نفسه يقول: (أما قشرة البرغوث أو القملة أو البقة ... أو نحوها فنجسة غير معفوٍّ عنها، فلو صلى بشيء من ذلك فصلاته باطلة، علم به ... أو لا! ! !) [24] .
5- تتبعهم لشذوذات المذاهب وسقطاتها، ومنها:
إجازة الزنا بنساء أهل الكتاب (نكاية) في دينهم [25] .
إباحة أخذ الربا من الكفار؛ حيث يزعمون أنه يجوز أخذ مال الكفار في دار
الحرب عن طريق الربا [26] .
سادساً: المؤسسات والأنشطة:
للأحباش عدد كبير من المؤسسات والأنشطة، وذلك لبث أفكارهم وانحرافاتهم
الخطيرة.
1- الجمعية:
للأحباش جمعية خاصة بهم تسمى (جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية) ،
تأسست عام 1983م [27] ، ومركزها: بيروت، ولها فروع في كافة المحافظات
اللبنانية، وكذلك لها فروع في عدد من دول العالم، كالأردن، وأستراليا، والسويد
، وفرنسا، وأمريكا، وبريطانيا، وبلجيكا، وألمانيا، وروسيا، وتايوان..
وغيرها، ويبلغ عدد هذه الفروع ثلاثة وثلاثين فرعاً، وهي جمعية مشبوهة،
هدفها المعلن: التعليم الديني، وبناء المساجد والمدارس، ومساعدة الفقراء والأيتام
.. وغير ذلك من أعمال البر، بينما هي تروج للمبادئ المنحرفة لهذه الجماعة.
2- المدارس:
قام الأحباش ببناء مدارس خاصة بهم لجميع المراحل الدراسية، وهم يقيمون
في هذه المدارس دورات صيفية دينية، بالإضافة إلى التعليم الشتوي، وذلك لكي
ينشروا عقيدتهم بين أبناء المسلمين، ويوجد في هذه المدارس مئات الطلاب
والطالبات في شتى المراحل، ومن أمثلة هذه المدارس: (مدارس الثقافة) في كلٍّ
من بيروت، وطرابلس، وبعلبك.
3- الإعلام:
كان للأحباش إذاعة محلية خاصة بهم، تبث من بيروت، وينشر من خلالها
غثاؤهم وإباحيتهم، ولهم أيضاً مجلة شهرية باسم (منار الهدى) تقوم بنشر مذهبهم،
والطعن في أئمة المسلمين وعلمائهم، كما تقوم بعض المجلات والجرائد المحلية
والدولية بلقاءات ومقابلات وتحقيقات مطولة مع أقطابهم، الهدف منها: الدعاية لهم، والترويج لهم، والثناء عليهم، كما فعلت جرائد السفير، والنهار، والأنوار،
والمسيرة اللبنانية، وكذلك مجلة الوطن العربي، ومجلة الأسبوع العربي.. وغيرها
من المجلات والجرائد.
أيضاً للأحباش نشاط كبير في التلفزيون اللبناني وغيره من القنوات الخاصة
بلبنان، حيث تعرض اللقاءات والدروس، ويعمل الأحباش الآن على تشغيل محطة
تلفزيونية خاصة بهم.
وللكتب والأشرطة والنشرات دور بارز في ترويج مبادئ هذه الجماعة،
ونشر معتقداتهم، وذلك من خلال مؤسستهم المسماة: (مركز الأبحاث والخدمات
الثقافية) في بيروت، كما تصدر جمعيتهم تقويماً خاصّاً بهم، يحوي كثيراً من
السموم المختلفة في العقيدة والسلوك والفقه وغيرها.
4- الغناء والطرب والأندية:
لدى الأحباش في لبنان عشرون فرقة للغناء والأناشيد الدينية كما يزعمون،
وتقوم أناشيدهم الدينية على ترسيخ عقائدهم المنحرفة، مثل نفي العلو لله (تعالى) ،
حيث ينشدون: (الله ليس في السماء، وليس له مكان) ! ، وكذلك تبث هذه الأناشيد
الشرك بالله، حيث يحرصون على نشر أشعار المتصوفة، كالبوصيري، وابن
الفارض.. وغيرهما.
ويهتم الأحباش كثيراً بالألعاب الرياضية المختلفة من كرة قدم وسلة وكاراتيه.. وغير ذلك؛ لجذب الشباب والشابات والتودد إليهم وتعليمهم عقيدتهم الفاسدة، بل
وتحذيرهم من أهل التوحيد، وأشهر أنديتهم: (نادي الفوز الرياضي) بطرابلس،
وكذلك: (مجمع ناجي الرياضي) بطرابلس أيضاً، وهي أندية مختلطة للرجال
والنساء، ويركز الأحباش على النساء خاصة، وهذا دأب أعداء الإسلام دائماً!
لأن تأثير المرأة عظيم جدّاً في المجتمع، فإذا فسدت: ربت الأجيال على الفساد،
وإذا صلحت: تخرج على يديها الأخيار والصالحون والأبطال.
وأخيراً:
لقد تبين من خلال هذا العرض المختصر لبعض ضلالات الأحباش، ما هم
عليه من انحراف في العقيدة والسلوك، واتباع للأهواء، وتلاعب بكتاب الله وسنة
نبيه.
والأحباش على سذاجة دعوتهم وقلة علمهم ينتشرون بسرعة عجيبة، وقد
يكون سبب ذلك: ما لديهم من إمكانات مادية، واختيارات واسعة، يأخذ منها كل
صاحب هوى ما يوافق هواه، وأيضاً ما تعلنه هذه الطائفة من الولاء المطلق
للحكومات الحاكمة بغير ما أنزل الله.
ولعل التحذير من هذه الطائفة يأخذ حجمه الحقيقي بين العلماء وخطباء
المساجد وأجهزة الإعلام، لما يمثله هذا المذهب من خطر على العقيدة والأخلاق،
وما يثيره من خصومات وجدل في المساجد، وتكفير للمسلمين، وإثارة للفرقة،
وبث للفتنة.
وهم يعدون العدة الآن لنشر مذهبهم في بلاد الإسلام بين أهل السنة والجماعة، بل في الجزيرة العربية، نسأل الله (تعالى) أن يبرم لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيه
أهل طاعته، ويذل فيه أهل معصيته، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن
المنكر، إنه ولي ذلك والقادر عليه.