منتدى القراء
بقلم:أحمد بن حسن بن علي
بما أن السنة النبوية (على صاحبها أفضل الصلاة والسلام) تُعتبر مصدراً من
مصادر التشريع لهذه الأمة، فمن المعروف أن هذه السنة انتقلت إلينا عن طريق
الرواة؛ فالراوي الثاني يروى عن الأول والثالث عن الثاني.. وهكذا.
وحرصاً على سلامة هذا المصدر: فقد وضع علماؤنا رحمهم الله (تعالى)
شروطاً لهؤلاء الرواة حتى تُقبل روايتهم؛ وقد ذكر هذه الشروط الإمام أبو عمرو
ابن الصلاح، فقال (رحمه الله تعالى) : (أجمع جماهير أئمة الحديث والفقه على أنه
يُشترط فيمن يُحتج بروايته أن يكون عدلاً ضابطاً لما يروي، وتفصيله: أن يكون
مسلماً، بالغاً، عاقلاً، سالماً من أسباب الفسق وخوارم المروءة، متيقظاً غير مغفل، حافظاً إن حدّث من حفظه، ضابطاً لكتابه إن حدّث من كتابة، وإن كان يحدّث
بالمعنى اشترط فيه مع ذلك أن يكون عالماً بما يُحيل المعنى) [1] .
وقال الإمام ابن الأثير الجزري: (شروط من تُقبل روايته أربعة:
الشرط الأول: الإسلام.
الشرط الثاني: التكليف.
الشرط الثالث: العدالة.
الشرط الرابع: الضبط) [2] .
لكن المتأمل لكلام ابن الأثير يجد أن بعض الشروط يُغني عن بعض، فالشرط
الأول والثاني يدخلان ضمن الشرط الثالث وهو العدالة؛ إذ إن الإسلام والتكليف من
شروط العدالة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله تعالى) : (الراوي إما أن تُقبل روايته
مطلقاً، أو بقيد: أما المقبول مطلقاً: فلا بد أن يكون مأموناً من الكذب بالمظنة،
وشرط ذلك: العدالة، وخلوه عن الأغراض والعقائد الفاسدة التي يُظن معها جواز
الوضع، وأن يكون مأمون السهو، بالحفظ والضبط والإتقان، وأما المقيد:
فيختلف باختلاف القرائن، ولكل حديث ذوق، ويختص بنظرٍ ليس للآخر) [3] .
وهذه الشروط التي ذكرها العلماء نجد أنها ترجع إلى شرطين أساسين، هما:
1 - العدالة.
2- الضبط.
فالعدالة هي: ملكة تحمل صاحبها على التقوى واجتناب الأدناس، وما يخل
بالمروءة عند الناس [4] .
والضبط هو: تيقظ الراوي، بألا يكون مغفلاً، حافظاً إن حدث من حفظه،
ضابطاً إن حدث من كتابة [5] .
****
ما أحوجنا عند نقلنا لأي خبر أو موضوع من التثبت من مدى صحة مضمونه
ومدى صدق راويه؛ لأن الملاحظ أن هذا العلم يكاد يكون حكراً على الدراسات
الحديثية فقط، بينما يجب أن يكون منهجاً في التلقي والبحث والتعامل.
ولقد بدأ نفر من العلماء والكتاب تَمَثّل ذلك في رسائل علمية وأبحاث جامعية،
والانطلاق من هذه المبادئ القيمة والسير على منوالها.
فما أجمل أن يكون ذلك منهجاً لنا معشر طلاب العلم في حديثنا ونقلنا وأبحاثنا.
وفقنا الله جميعاً إلى العلم النافع والعمل الصالح.