من حصاد التجربة
اكتشفت تناقضاتها وزيفها
مسعود النرواجو أديوجو
الكاتب كان قسيساً نصرانياً في نيجيريا، ولما أراد الله له الهداية اطلع على
بعض الكتب الإسلامية التي رأى فيها معالم دين الإسلام الحق فعاد إلى دينه الأساس، وها هو ذا يوضح تجربته مع النصرانية وكيف اكتشف تناقضاتها وزيفها فأعلن
إسلامه بكل جرأة متحدياً النصارى كلهم لو أرادوا مناقشته.
- البيان -
أرى من الحق عليّ في البداية أن أقرر حقيقة مهمة؛ هي أنني وُلدت مسلماً،
ولكني تنصرت فيما بعد معتقداً أن النصرانية هي الدين الحق كما يزعم المروجون
الغربيون من أصحاب الدعاية التنصيرية، ولكني بعد اعتناقي لذلك الدين اكتشفت
بعد مضي اثني عشر عاماً أنني قد انضممت إلى مجموعة من المزيفين والمشوشين، والعابدين للأصنام من الدرجة الأولى.
وبعد التعثر في الظلام لسنوات عديدة للبحث عن الحقيقة هنا وهناك عبر
الاطلاع على كل العلوم السرية، علوم السحر والتنجيم، التصوف، علوم الأسرار
وما يسمى بالـ كابالا، بعد هذا كله قد قررت أن أقوم ببحث مستقل عن الإسلام
والمسيحية، ولقد قررت بتصميم عميق أن أتحرى الصدق، وأن يكون رائدي هو
الحق والحق فقط.
ولقد تجشمت الصعاب في دراسة ما يسمونه (الكتاب المقدس) ! صفحة صفحة، ولقد كانت دهشتي عظيمة عندما اكتشفت وعرفت أن فيه آثاراً من الإسلام أكثر
مما فيه من النصرانية، ولقد اكتشفت أيضاً مما زاد حنقي وغضبي أن ما يُدعى
بالكتاب المقدس من سفر التكوين إلى آخر سفر يحوي عدداً من التناقضات الفاضحة
وأسساً تحمل على اقتراف كثير من أنواع الجرائم، ولذلك أرى أنه من السخف
تسميته كتاباً مقدساً في شكله الحالي.
أطفئ مصباح عقلك واعتقد:
هذا هو حال النصارى، فالمعضلة والمشكلة الأساسية مع النصراني المعاصر
أنه لا يكترث بالاطلاع على كتابه المقدس! وأنه لا يدرسه كما فعلتُ لكي يصل إلى
الحقيقة، ولو أنه قد فعل ذلك أعني لو قام أي نصراني ممن ولد وعاش في هذا
الدين بقراءة كتابه المقدس قراءة خالصة لمعرفة الحق، قراءة ناقدة ببصيرة فسوف
يكتشف ويا لحزنه وشجنه أن دينه بحاجة إلى أن يعيد التفكير فيه كثيراً؛ فالمسيح
(عليه السلام) لا علاقة له بما آلت إليه النصرانية، وسيكتشف أنه حتى اسم الكتاب
المقدس نفسه (رضي الله عنهible) لا ذكر له في الكتاب المقدس، فهي كلمة مخترعة.. كما أن
أساس الاحتفال بميلاد المسيح المسمى بـ (عيد الكرسماس) وعيد الفصح والتثليث
(Trinity) لا وجود لكل ذلك في كتابهم المقدس.
موقف لا ينسى:
وعندما كنت أقوم بالبحث طلباً للحقيقة قمت ذات مرة بزيارة إحدى المكتبات
الإسلامية في فينسبري بارك في لندن وكان ذلك في عام 1985م حيث اشتريت
كتاباً يسمى حياة محمد [*] لمؤلفه د. محمد حسين هيكل، وعند قراءتي للكتاب
واستيعابه وتفهم معانيه برز توجهي نحو الإسلام، وأصبحت أقرأ الكتب الإسلامية
الأخرى لعلماء المسلمين من أمثال: سيد قطب، وأبي الأعلى المودودي، وأحمد
ديدات.
ولقد وجدتني والحمد لله مؤمناً برسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- عندما
قرأت نسخة من ترجمة معاني القرآن الكريم بالإنجليزية لعبد الله يوسف علي،
وعند قراءتي للقرآن وجدت نفسي مغموراً بالنور التام نور الإسلام، ولم أضِع وقتاً
في حث الخطى نحو الرجوع إلى الإسلام، لأبدأ حياتي الإسلامية بنظافة روحية،
أنا وكل أفراد أسرتي، ومنذ ذلك الوقت كنت أقول وبصوت جهوري وعلى رؤوس
الأشهاد علناً: إن القرآن هو الوثيقة الوحيدة التي تشتمل على الحق المنزل من عند
الله التي مازالت صافية طاهرة باقية على أصلها وصفائها منذ أن أوحى الله (تعالى)
إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى يومنا هذا، وسيظل كذلك إلى يوم الدين.
والقرآن في ذلك لا يشبه الكتاب المقدس عند النصارى الذي كان عرضة
لتباين وجهات النظر والتنقيح الدوري وتلاعب رجال الكنيسة به.
آلاف الأخطاء في كتابهم المقدس:
وكما أشرت سابقاً فإن في الكتاب المقدس آلاف الأخطاء التي تشوش على
النصارى واليهود على السواء عقيدتهم، ومع ذلك فهم أي: النصارى يروجون
وينشرون الأكاذيب ويشيعون المتناقضات الفاسدة ليضللوا البسطاء ويبعدوهم عن
الرسالة الحقة رسالة الله القرآن العظيم؛ فلا عجب أن يقول الله (تبارك وتعالى) :
[وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على
شيء وهم يتلون الكتاب، كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم، فالله يحكم بينهم
يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون] [البقرة: 113] .
أريد أن أذكر هنا دون أدنى تناقض: أن الإسلام دين العدل والسلام والحق،
هذا هو ما جاء به هذا الدين، فالإسلام لا يوازيه ولا يساويه أي دين آخر.
تسبيح الله بين النصرانية والإسلام:
ويمكن أن يظهر الانتظام والاتساق في الإسلام في مثال واحد: في كلمة الله
أكبر، ليست هذه عبارة تقال في أثناء العبادة في الصلاة، وإنما لكل نعمة من النعم، وفي كل حادثة أو أمر سواءً أكان ذلك الأمر خيراً أم شراً توجد له آثار مروية
يستطيع المسلم أن يثني بها على عظمة الله (تعالى) ويذكر قدرته ورحمته في
عبارات مثل: لا إله إلا الله، الله أكبر، سبحان الله، وفي كل موقف يجد المسلم
أمامه من الأذكار ما يرجع إليه يعظم الله بها ويسبحه، وهناك أذكار كثيرة منها:
الحمد لله، ما شاء الله، أستغفر الله وكل هذا من العبارات الجميلة المشتركة بين
جميع المسلمين لتمجيد الله وتسبيحه وتحميده في جميع الظروف والأحوال.
أما في النصرانية، فإنني يمكنني القول بكل وضوح على ضوء الأدلة الواضحة، على الرغم من أنهم جميعاً يدّعون تسبيح الله وتحميده بطريقة أو بأخرى: إنه لا توجد طريقة واحدة مشتركة منظمة أو أنموذج يحتذى كما هو الحال في
الإسلام سواءً أكان ذلك من حيث العبارات التي تقال لكل ظرف وحالة، أو من
حيث المناسبات نفسها، إلا عبارة واحدة هي: هلولويا أو عبارة آمين، ولذلك فإن
ممارستهم للشعائر تختلف وتأخذ مناحي مختلفة، فمن التصفيق إلى ذرف الدموع
إلى الضرب على الطبول والرقص..! !
ومن المهم أن نذكر هنا أن أغلبية النصارى يفضلون أن يحمدوا المسيح! بدلاً
من أن يحمدوا الله بالإضافة إلى الإكثار من حمد الثالوث المتوهم؛ أي: ادعاء أن
الثلاثة في واحد تساوي إلهاً واحداً؛ حيث يقولون: المجد للآب والابن وروح
القدس! ولا شك فإن مبدأ التثليث يمثل قمة الغباء والتشويش الروحي والاضطراب
في المسيحية.
أما بالنسبة لأسلوب العبادة: فإني أقول بكل وضوح وعلناً: إن الإسلام فقط
هو الدين الذي يعترف بأن العبادة هي المظهر الأساس للدين؛ لذا: فإن هناك أركاناً
خمسة للإسلام، فالصلاة مثلاً قد ذكرت بكل تفصيل؛ متى تقام في أوقاتها يومياً،
حيث يقف المسلمون بكل تواضع وانكسار لله، وكيف يؤدونها على هيئة يلزم منها
الاستسلام لله (تعالى) .
وقد ذكر القرآن الوضوء شرطاً للصلاة حيث جعل الصلاة نفسها فرضاً على
جميع المسلمين، بالإضافة إلى ذلك: فإن صلاة الجماعة ميزة أخرى إضافة على
العبادة الفردية.
فلا يوجد في جميع أنحاء العالم أي صوت يخرج على إجماع المسلمين على
العبادة بالشكل المذكور.
وهذا عكس النصرانية تماماً، إذ إنه لا دليل في كتابهم المقدس يصف شكلاً
معيناً من العبادات يكون نموذجاً يتبعه جميع النصارى، ولا ينبغي أن يدهش القارئ
هذا الأمر إذ إن المسيح (عليه السلام) نفسه لم يدع إلى هذه النصرانية المحرفة (في
كل سني دعوته) . بل ومن السهل أن نثبت أن رسل الله جميعاً الذين أرسلوا قبل
الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- بما فيهم المسيح (عليه السلام) كانوا مسلمين
كما وصفهم القرآن الكريم [البقرة: 132، 133 آل عمران: 19، 85 المائدة:
111، ... ] ، بل إن هناك حالات ذكر فيها القرآن أن هؤلاء الرسل قد سجدوا لله
في ذل وخضوع.
وما أريد ذكره هو أن الإسلام يلزم معتنقيه بالإيمان بكلمة التوحيد لا إله إلا الله، وبالإحساس بالمسؤولية والقيام بالواجبات مثل: الصلاة خمس مرات في اليوم
والليلة، والصوم في شهر رمضان، وإعطاء الزكاة عندما يحين وقتها في كل عام،
والحج إلى بيت الله لمن استطاع إليه سبيلا.
أما النصرانية فهي اعتناق هش، فلما كان اتصالها بالله (تعالى) فضفاضاً فقد
أصبحت ممارسة لبعض من يمكن أن نصفهم بأنهم إما كسالى جداً فلا يقومون
بالعبادة الجادة والصلاة الجادة في أمورالدين، أو أن يكونوا من أولئك المتكبرين
الذين يعتقدون أنهم أكبر من أن يعبدوا الله ولكنهم في نفس الوقت يخجلون أن ينسبوا
إلى الإلحاد، ولذلك فإن أسهل الأمور أن ينتسبوا إلى النصرانية، لأننا نرى أن مثل
هذا الانتساب لا يكلفهم أي مسؤولية، وحتى الذهاب إلى الكنيسة ليس عملاً إلزامياً
للمسيحيين.
من واقع تجربتي
استطيع أن أدعي أن 90% من المسلمين الذين يتحولون إلى المسيحية هم من
أولئك المشوشين الذين يرون في الانضباط بالشعائر التعبدية والنظام الإسلامي عبئاً
عليهم ولذلك فهم يتخفون تحت ظل النصرانية التي لا تطلب منهم أي شيء بالمقابل.
وعلى الرغم من تعاليم الكتاب المقدس فإن النصارى في جميع أنحاء العالم
غير مجمعين على موقف موحد تجاه الخمر شرب المسكرات، وكذلك القمار لعب
الميسر، والفوضى الجنسية، والربا.. الخ.
وأستطيع أن أقول دون تردد إن ما يعانيه هؤلاء القوم هو نقص الإيمان بالله،
لأنهم لو كانوا مؤمنين حقاً لعلموا أنه ما من تضحية تعظم في عين المؤمن إزاء
رضوان الله.
أستطيع أن أقول بثقة: إن النصرانية دين تشويش وإرباك عقدي، فيمكن أن
نقول: إن موقف النصارى من المسلمين يتلخص في أنه: إذا لم تستطع أن تقنع
المسلم بالردة عن الإسلام فشوش عليه عقيدته، ولذلك: فهم ينشرون الأضاليل
والأكاذيب، وذلك إصراراً منهم في التمرد على الحق المطلق الخالد في رسالة الله،
فلا عجب أن يقول الله (تعالى) بشأنهم: [ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات
والأرض ومن فيهن، بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون] [المؤمنون:
71] .