مجله البيان (صفحة 1931)

نص شعري

صرخة جروزني

د. عدنان علي رضا النحوي

شِيشَانُ! صُبّي دَماً فِي الأضِ واغْتَسِلي ... النُّورِ مِنْه، وضمّي زَهْوةَ الأمَلِ

ورجّعي مِنً رُبَى جروزني مَلاحِمَها ... فوّارةً بِدَمٍ لِله مُشْتَعِلِ

مِنً كُلّ أرْوعَ سَبّاق بوثبتهِ ... إلى الشهادة خَطّافٍ على عَجَلِ

تطلّعتً كُلّ دَارٍ مِنً مَشَارقِها ... إِليْكِ بيْنَ دَواعِي الشّوْقِ والوَجَلِ

مَاذا رَأوا؟ ! عَجَباً! هوْلاً تُفَجّرُهُ ... عِصَابةٌ مِنً وُحُوشِ الأرْضِ الهَمَلِ

هَبّوا إليْكِ بأرتالٍ مُدَعّمَةٍ ... مِثْلِ الجراد إذا أَوْفَى على أسَلِ [1]

جُنّوا فَهَبّوا بأحْقَادٍ مُرَوّعةٍ، ... بالمكرِ بالكيدِ مِنً غَدْرٍ ومِنً خَتلِ

وأطْبَقُوا وَليَالي الموْتِ فاغِرةٌ ... فَاها على ومضاتِ البرْقِ والشّعَل

وأقبلوا وجُيُوشٌ مِنْهُمُ فَزِعتْ ... لمّا رأوا عَزْمَة الإيمَانِ لم تَزُلِ

رَامُوا الفِرَارَ فما أنْجاهُمُ أملٌ ... وخَلْفَهُمً صَرَخَاتُ القَهْر والعَذَل

مِنً مُجْرِمٍ ظالمٍ عَاتٍ تَمُدّ لهُ ... أهواؤه ظُلُماتِ الشّرّ والزّللِ

يُمدّهم كلما ارتَدّوا على جَزَعٍ ... بِعُصْبَةٍ مِنً قَطِيعِ الأعْبُدِ الذّللِ

ظَنّوا القِتالَ سُوَيْعَاتٍ فَهالَهُمُ ... أن القِتالَ طويلُ العَهْدِ والأمَلِ

طَارَتً مِنَ الهَلَعِ القتّال أفْئدَةٌ ... وفُزّعَتً مِنً دنوّ الموتِ والأجلِ

فَلمً تَعُدً غيرَ آلاتٍ تُحَرّكُها ... هُوجُ العَواصِف مِنً مَكْرٍ ومِنً دَغَلِ

مِنً كُلّ دَبّابَة تَرْمي بَوارِجُها ... نَاراً تأجّجُ في قَصْرٍ وفي نُزُلِ

تَظَلّ تَزْحَفُ لا تَلْقَى سِوَى جُدُرٍ أو مَسْكَنٍ فَرَمَتً بالوابِل الهَطِل

حَتّى إذا انْطَلَقَتً في زَهْوِها انْفَجَرتْ ... بِرَمْيةٍ مِنً شَدِيد البَأس مُشْتَمِل

كَأنّما الأرْضُ شُقّتً عَنً فَوارِسها فَغَيّبُوها بِلَفْحِ النّارِ والظُلَلِ

يَهْوِي الجِدَارُ وأبْطالُ الحِمَى صَعدُوا ... نُوراً تَلألأ في أفْقٍ وفي سُبُل

يا للنداء عَلا! دوّى بِسَاحَتِهِمْ ... الله أكْبَرُ، مِنً سَهْلٍ ومن قُلَلِ

لِله دَرّ رِجَالٍ يَنْسُجُونَ دَماً ... أكْفانَهُمً بِحَنِينِ البِشْرِ والجذَلِ

يَسْتَقْبِلُونَ جِنَانَ الخُلْدِ فَانْفَرَجَتْ ... أبوابُها فَرَحاً بالمؤمِن البَطَلِ

أوً كُلّ حَوّامةٍ في الجوّ قَاصِفَةٍ ... تَنْقَضّ بِالموْتِ أو بالحادِثِ الجَللِ

جُنّتً قَذائِفها أو جُنّ قاذِفُها ... مَوّارةً بيْنَ وَادٍ أو على جَبَل

تُلقِي اللهيبَ جَحِيماً أو تَدُكّ بِهِ ... عَمائِراً أو تُسوّي شَاهِقَ القُلَلِ

وتَتْرُك المؤمنين الصّابرين على ... دَمٍ تَوهّج فِي السّاحَاتِ مُنْهمِلِ

كَأنّما الأرْضُ كَانَتً قَبْلُ عَاطِلةً ... فوُشّيَت بِدِمَاء الفَارِسِ البَطَلِ

كأنّهمً وبِسَاطُ الأرْضِ مُنْتَشِرٌ ... لآلِئ زَيّنَتً مَوْشِيّةَ الحُلَلِ

قَصْرَ الرئاسَةِ! فاهْزأ من صَواعِقهمْ ... ورُدّها فَوْقَهُمً مَوْصُولَةُ الوَهَلِ

نَهضْتَ كالقَلْعَةِ الشّماءَ فانْقَلبُوا ... بِخِزْيِهِمً وجُذُورُ الحَقّ لَمً تُنَل

هُنَا الحَضَارَةُ أعْمَاقُ الحَيَاةِ بِهَا ... بَيْنَ الجَماجِمِ والأشْلاَءِ والطّلَلِ

هَذي حَضَارَةً إنْسانٍ رِسَالتُه ... إلى الدّنا عَزْمَةُ التَوْحِيد والرسُلِ

وخَاتمِ الأنْبيَاءِ المرسَلين دَعا ... إلى هُدًى صَادقٍ بالوحي مكتملِ

يُزْوَى الفَسادُ بِعَزْمٍ غَيرِ مُنْهَزِمٍ ... ويُرْتَقى لِعُلاً بالحق مُتّصِلِ

رِسالة اللهِ للإنْسَانِ يَحْمِلُها ... رِجالُها صُدُقاً فالحَقً أو اعْتَزِلِ

تبيّن الرّشْدُ! منً يَتْركْهُ يُلقَ به ... على لهيبٍ تلظّى أو على شُعَلِ

أولئك المجرِمُونَ الظّالمون بَغَوا ... وأفْسَدُوا الأرض في ظلمٍ وفي نَكَلِ [2]

أولئك المجْرمون استكبروا وعَتَوا ... صَاغوا الحضارة من زَيْعٍ ومن مِيَلِ

أيْنَ الحَضَارةُ؟ ! لا عَدْلٌ ولا شَرفٌ ... مِنً فَاجِرٍ ساقِطٍ أو فَاجرٍ ثَمِلِ

يُورون في الأرض من أهوائهم شعلاً ... ومن جرائمهم وقداً من الدّخل [3]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015