نصوص شعرية
رمضان عذراً إن عصى الشعر
محمد عبد القادر الفقي
أيا رمضان الخيرِ عذراً، عصى الشعرُ ... فلم يترنم مثلما يوجب الأمرُ
وكيف لشعري أن يسيل عذوبةً ... بمدحك والأرزاء في أبحري كُثْرُ
وكيف القوافي فيك أزجي عصيَّها ... وأحوالنا تُزري، وأفعالنا نكْرُ؟! وأين الخيال الحر؟ أنَّى لنا بهِ وفي القلب همٌّ لا يرام لهُ حسْرُ
تهبُّ الرياح الذارياْتُ بداخلي ... فتترك نفسي بلقعاً ما بهِ زهْرُ
تراوحني في كل حين فجاءةٍ ... كأني فلاة ليس في رملها سدرُ
فيا خير شهرٍ لا تلمني لأنني ... أعاني جروحاً لا يعالجها الصبرُ!
أتيتَ إلينا والكراماتُ قد خَبَتْ ... ومن أين تأتينا وقد أورق الشرُّ؟
نصلي؟ نعم! لكن صلاة بلا تقى ... ونأمر بالفحشاء إذ وجب الطهر!
نصوم؟ نعم! لكن صياماً عن القِرى ... ولذاتنا تمتد إذ يطلع الفجرُ!
وفي الأرض إخوان لنا كلُّ حلمهم ... بقايا إدامٍ يستقيم بها الظَّهْرُ!
كأن مجاعات الدنا كلها قوَتْ ... بدورهمُ.. أو حلّ مِصْرَهمُ الفقرُ
نحجُّ؟ نعم! لكن لمجلس عصبةٍ ... ونطلب منه الأمن إن يُهتكُ الستُر
فلا عصبة (الفيتو) أعادت أماننا ... ولا الدبُّ واسانا، ولا الأقرعُ لنسر!
أتيت إلينا، صُبْحُنا مثل ليلنا ... فأجواؤنا سودٌ وأجفاننا جمرُ
فيا رمضان العتق ذلّت رقابُنا ... إلى اللهِ نشكو: ربَّنا مسنا الضرُ!
تداعتُ علينا أمّةٌ بعد أمّةٍ ... وعشش فينا اليأس والضَّعْف والذُّعْرُ
وليس لأهلينا سراةٌ وإنما ... بُلينا بجندهم علينا المُدى الحُمْرُ
إذا المرء صلى الفجر قالوا: مُخَرِّبٌ! ... وإن عاقر الصهباء قالوا: فتى حُرُّ!
وإن رتل القرآن قالوا: مضللٌ! ... وإن حالف الشيطان قالوا: له الشكرُ!
همُ قد أضاعوا (قدسنا) بل كياننا ... فوا ذلّ شعبِ عمرُهُ كلّهُ قهر!
أتيت إلينا، والمصائب جَمَّةٌ ... فآلامنا مَدٌّ وآمالنا جَزْرُ!
وأوراقنا صُفْرٌ بلون جلودنا ... وأشرارنا كُثْرٌ، وإنجازنا صفر!
فواعجباً إن فارق الخيرُ أرضنا ... وواعجباً إن عربد الشركُ والكفر
وواعجباً أن يهدم البغيُ مسجداً ... وأن يصبح الهندوس هرُّهم نمْرُ
وواعجباً أن ندمن العار والخنا ... وواعجباً أن يكْثرَ الفرُّ لا الكر
وواعجباً أن يسحق الصِّرْبُ قومنا ... وواعجباً أن يكْثُرَ البقرُ والجزْرُ
نُذبَّح مثل الشاة في كل موضع ... ونُسلَخُ أحياءً وتغلي بنا القدرُ!
وتُرمى إلى الخنزير عمداً لحومُنا ويأكل منها الكلبُ والذئب والنسر!
فيا رمضان القدر قد ضاع قدرُنا ... وأظلمت الدنيا، ونهتف: يا بدر؟
ولا بدرَ، لا حطين، لا أيَّ بارقٍ ... لنصرٍ، تُرى من أين يأتي لنا لنصر؟
إذا نحن لم نغسلْ من الرجس أنفساً ... فخير مكانٍ يرتضينا هو القَبْرُ!