مقال
السلم والقتال في الإسلام
قراءة دلالية وشرعية واصطلاحية
كمال السعيد حبيب
المدخل اللغوي:
لا تمثل اللغة مجرد قالب شكلي تصب فيه الألفاظ، ولكنها تعبير حضاري
للتفاهم بين أفراد أمة، ولذا: فإن للألفاظ ومعانيها دلالات حضارية تعكس رؤية
الحضارة التي أنتجت هذه الكلمات للكون وللذات وللآخر، ولذا: فإن التحليل
اللغوي يمثل أحد المداخل الهامة لمعرفة موقف حضارة (ما) من بعض القضايا
وكيف تصورتها وفكرت فيها وعبرت عنها، والأداة الرئيسة لمعرفة ذلك ستكون
(القواميس اللغوية) كما يمكن تتبع التطور اللغوي للمصطلح إذ قد تتطور دلالته
اللغوية إلى تعبيرات أخرى تتجاوز مجرد الوضع الأول له، وهو ما يعرف بـ
(الدلالة العرفية) ، وحتى تتكامل الرؤية فإن مصدراً آخر يجب على الباحث تعقبه
حتى تكتمل الصورة لديه، ذلكم هو كيف تم التعبير عن هذه الكلمة في القرآن
الكريم والسنة المطهرة وهو ما يعرف باسم (الدلالة الشرعية) ، ونحن سنقتصر
في هذه الدراسة على البحث اللغوي في القواميس والبحث الشرعي في القرآن
الكريم، والبحث الاصطلاحي.
أولاً: الدلالات اللغوية لكلمة (السلم) :
بمراجعة لسان العرب فإننا نجد أن المعاني ودلالتها لكلمة السلم تتمحور حول
الآتي:
1- علامة المسالمة - أي ظهور بوادر لغياب الحرب أو توقفها - فالجنود لا
يزالون في الميدان، والقادة مقبلون على ترتيبات السلام التي قد لا تصل إلى نهايتها
صُلْحاً فتبقى حالة الحرب قائمة.
2- الصلح بين جماعتين ففي كتابه -صلى الله عليه وسلم- بين المهاجرين
والأنصار حين مقدمه المدينة نص على: (وإن سلْم المؤمنين واحد لا يسالم مؤمن
دون مؤمن) [*] أي لا يصالح واحد دون أصحابه، وانما يقع الصلح بينهم وبين
عدوهم باجتماع مَلَئهم على ذلك.
3- الحياد بمعنى عدم وجود تعامل أو علاقة بين طرفين كما في قوله (تعالى)
[وإذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً] [الفرقان: 63] أي: لا خير بيننا وبينكم ولا
شر، وليس السلام هنا هُو المستعمل في التحية.
4- الاستسلام وإظهار الخضوع والانقياد والرضا بالأحكام، وتلك هي حالة
الهزيمة التي يفرضها الغالب على المغلوب.
أي: إن مدلول السلم في اللغة يتضمن أربعة مستويات تبدأ بما يطلق عليه في
العلاقات الدولية (الإشارات والرموز) التي يتبادلها أطراف الصراع التي تعكس
تطور إدراكهم بعدم جدوى الاستمرار في الحرب، وتنتهي بحالة الاستسلام
والهزيمة التي لا إرادة للمغلوب فيها مع الغالب، ويبقى موقف الحياد الذي يعني
عدم التعامل، والصلح الذي يعني انخراط طرفي الصراع في ترتيبات تحقق
مصلحة الطرفين؛ لا يختفي في هذه الترتيبات التنازع ومحاولة كل طرف أن يحقق
أكبر قدر من المكاسب، وهو ما يطلق عليه في العلاقات الدولية (الصراع
التفاوضي) ؛ واذا كان (كلاوزنتر) قد قال: (إن الحرب هي السياسة بوسائل أخرى)
فإن الصلح والتفاوض هما الحرب بوسائل أخرى، ففي رحلة الصلح ورغم توقف
القتال والأعمال العسكرية إلا أن الصراع لم ينته بعد، ومن الواضح في حالة
الصلح وجود إرادتين متساويتين تتنازعان للحصول على أكبر قدر من المكاسب؛
ولذا: فإن وثيقة المدينة التي صاغها النبي بين المهاجرين والأنصار وبينهم وبين
اليهود أكدت على أنه لا يجوز لجماعة أو فئة أن تقرر السلم والصلح دون بقية الأمة، فقرار السلم قرار جماعي ليكون مُتَأكَداً أنه في صالح الأمة، ولكي يكون مسؤولية
كل أفراد الأمة فهو حالة مصيرية كحالة الحرب تماماً لا يجوز لفئة أن تنفرد به دون
بقية المسلمين*.
ثانياً: الدلالة الشرعية لكلمة السلم:
وردت كلمة (السلم) في القرآن الكريم في مواضع متعددة وبمعان متعددة:
1- الاستسلام، كما في قوله (تعالى) : [قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ
إلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ] [الفتح: 16] أي: يدخلون في
الإسلام ويلتزمون أحكام شريعته.
2- الهدنة وعدم الرغبة في القتال، كما في قوله (تعالى) : [فَلا تَهِنُوا
وتَدْعُوا إلَى السَّلْمِ وأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ واللَّهُ مَعَكُمْ ولَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ] [محمد: 35] فهنا
قطاع من المؤمنين يرغبون في السلام والمهادنة مع الأعداء؛ لأن القتال يهدر
الدماء أو لأنهم جبناء، كما وردت عن الهدنة من جانب الأعداء، كما في قوله
(تعالى) : [وإن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ] [الأنفال: 61] .
3- ووردت أيضاً بمعنى الكف والصلح، كما في قوله (تعالى) : [فَإنِ
اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وأَلْقَوْا إلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً]
[النساء: 90] فهؤلاء لم يتعرضوا لحركة المسلمين بالدعوة في الجزيرة العربية وتركوهم يتحركون دون أن يتعرضوا لهم، فهنا لا ينبغي للمسلمين أن يتعرضوا لهم لأن السلم قاعدة لكي يبقى الجهاد ماضياً.
4- ووردت بمعنى كونها قرينة على الإسلام في قوله (تعالى) : [ولا تَقُولُوا
لِمَنْ أَلْقَى إلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً] [النساء: 94] أي: قال السلام عليكم، وهو
يدل على إسلامه ظاهراً.
وفي الاصطلاح الشرعي فإن السلم يعني مصالحة المسلمين للكافرين على
تأخير الجهاد إلى أمد معين لضرورة أو مصلحة (ويطلق عليها المسالمة والموادعة) .
أي إن السلم في التصور الفقهي الشرعي هو حالة استثنائية لا يتوقف فيها
الاستعداد للجهاد؛ وإنما فقط للضرورة، أي لأن المسلمين ليس لهم قوة أو لأن
للمسلمين مصلحة في ذلك كتحييد بعض القوى، وهذا التصور مبني على أن العالم
ينقسم إلى قسمين: دار الإسلام ودار الحرب، وأن دار الحرب مقصودة دائماً
بالقتال من جانب المسلمين حتى تدخل في الإسلام أو حتى تقبل نظامه وتلتزم أحكام
ملته، فالأصل في هذا التصور هو أن العلاقة بين الدولة الإسلامية والعالم هي
علاقة حرب دائمة ما لم توجد مصلحة أو ضرورة.
ثالثاً: الدلالات اللغوية لكلمة القتال:
1- هي الحرب بين طرفين أو قوتين.
2- الدعاء باللعن والخروج من رحمة الله على الأعداء، كما في قوله (تعالى) : [قُتِلَ الإنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ] [عبس: 17] ، أي: لُعِن، وقوله -صلى الله عليه
وسلم-: (قاتل الله اليهود) أي لعنهم وعاداهم، أي: إن الدعاء على العدو هو
ممارسة قتالية إذ لم يكن بالوسع مواجهته في الميدان إما لعدم الاستعداد العسكري أو
لعدم القدرة إلى النفاذ إليه لأن الحواجز تحول دون ذلك، كمنع المشاركة في
المعارك ضد المسلمين بالبوسنة وفلسطين، فالدعاء يعني استحضار حالة القتال في
النفس دائماً.
3- الاستبعاد والإهمال كما في الحديث (من دعا إلى إمارة نفسه أو غيره من
المسلمين فاقتلوه) أي اجعلوه كمن قتل أو مات بأن لا تقبلوا له قولاً ولا تقيموا له
دعوة؛ فالإهمال والمقاطعة والاستبعاد كممارسة جماعية لمن يريد أن يضر
بالمسلمين داخلياً أو خارجياً هو تعبير قتالي يميت العدو وينفيه من الحضور في
واقع المسلمين وفي أنفسهم، أي: إن هناك بعداً معنوياً ونفسياً في القتال، فحياة
العدو تتمثل في قبوله وحضوره على المستوى النفسي، وموته يتمثل في لفظه
وعداوته واهماله واستبعاده.
4- تحقق أمنية للنفس طال انتظارها، فنقول (قتل غليله أي سقاه فزال
غليله بالرِّي) أي: إن التعلق بالأهداف الإسلامية للأمة ومحاولة بعثها وإحيائها هو
ممارسة قتالية، فإذا لم يكن لدى المسلمين قوة تحقيقها في عالم الشهود الخارجي فلا
أقل من تمثلها في عالم الاستبعاد الداخلي، فدوام تمثلها واستحضارها هو مرحلة
نحو تحويلها إلى حقيقة واقعة..
5- الخبرة والتجربة والممارسة والسياسة فنقول رَجُل مُقِّتل أي مجرِّب
للأمور ويُقال ناقة مُقتِّلة، أي: مذللة لعمل من الأعمال فقد روِّضت على ذلك
واعتادت عليه، وهذا هو الجانب التربوي للقتال فإن تحطيم أهواء النفس وفسادها
وامتناعها حتى تستحيل خلفاً صالحاً قابلاً للطاعة والخضوع، وتَقَبُّل ما تكره
والرضا به، وسرعة التلبية والطاعة حتى فيما تكره النفس وهذا هو ما يمكن أن
نطلق عليه (روح الجندية) .
أي: إن مدلول القتال في اللغة يتضمن مستويات عدة: تبدأ باستحضار
أمنيات الأمة في النفس، وتنتهي بالانخراط في قتال عضوي ضد العدو في ميدان
الحرب، ويتوسط ذلك مستويات عدة من الممارسات تجاه النفس وتجاه العدو، ولا
يمكن لأمة أن تنتصر في معركة حربية مع العدو وهي لم تمارس مستويات القتال
الأخرى على المستوى النفسي والتربوي؛ لذا فإن ظهور ما يسمى بالحرب النفسية
التي توجه في الأساس إلى إدراك الخصم وعقله ونفسه له ما يبرره، وتستطيع
القول بأن الهزيمة النفسية لا يمكن أن تقود إلى نصر عسكري مهما كانت الأمة
متسلحة بالعتاد، فالجانب النفسي الإدراكي في القتال كما يقول ابن خلدون: هو
أساس النصر أو الهزيمة.
رابعاً: الدلالات الشرعية لكلمة القتال:
لقد ورد مصطلح القتال في القرآن الكريم في مواضع كثيرة وبأشكال متعددة،
فقد قال (تعالى) : [كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ وهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ] [البقرة: من 216] أي:
فُرِض، كما ورد في قوله (تعالى) : [يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ
فِيهِ كَبِيرٌ] [البقرة: من الآية 217] كما ورد في قوله (تعالى) : [وإذْ غَدَوْتَ مِنْ
أَهْلِكَ تُبَوِّئُ المُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ] [آل عمران: من الآية 121] م وقوله (تعالى) : [فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتَالُ إذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً
وقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا القِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ] [النساء: من الآية
77] وقوله (تعالى) : [ومَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إلَى فِئَةٍ
فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ] [الأنفال: من الآية 16] وقوله (تعالى) : [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ
حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ] [الأنفال: من الآية 65] وقوله (تعالى) : [فَإذَا
أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وذُكِرَ فِيهَا القِتَالُ رَأَيْتَ الَذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إلَيْكَ
نَظَرَ المَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ المَوْتِ] [محمد: من الآية 20] ، ونجد الفقهاء يربطون
ربطاً محكماً بين مفهوم الجهاد ومفهوم القتال، ففي تعريفهم للجهاد قالوا: هو دعوة
الكفار إلى الدين الحق وقتالهم إن لم يقبلوا.
ويقول بعضهم: الجهاد هُو: (قتال الكفار لنصرة الإسلام) ، فالقتال هو أداة
الدولة الإسلامية في نشر سلطانها لإعلاء دين الله ولتكون كلمة الله هي العليا.
ويمكن القول: إن مصطلح الجهاد يتبادل مع مصطلح القتال دلالته بحيث
يمكن لأي منهما أن يعبر عما يدل عليه الآخر إذا أطلق أي منهما، لكن إذا اجتمعا
معاً فإن مصطلح الجهاد يبدو أوسع من مجرد القتال؛ إذ فيه جوانب دعوية وتربوية
وإعدادية، بينما يعبر القتال عن الحرب في الميدان، لكن لا يطلق الجهاد أبداً
وينزع منه التعبيرات التالية له إما بالاستعداد للقتال أو الانخراط الفعلي فيه، أي:
إن الجهاد من أجل معاش الأولاد مثلاً أو من أجل الحصول على رسالة علمية أو
من أجل بناء عمارة.. الخ، لا يعبر عن المعنى الشرعي للجهاد.
ومصطلح الجهاد أسبق من مصطلح القتال فهو مصطلح مكي بينما مصطلح
القتال هو مصطلح مدني، فهو التعبير المؤسس لحركة دولة، أما قبل الدولة فإن
مصطلح الجهاد هو إعداد نفسي وتربوي ودعوي للقتال باعتبار أن القتال هو أسمى
صورة للجهاد وهو أكثرها خطراً على النفس، ففي المعركة يتعرض الإنسان لزلزلة
الإقدام على الموت وهي فتنة تحتاج إلى تربية وجهاد.
خامساً: رؤية القدماء والمحدثين للسلم والقتال:
هناك إجماع بين الفقهاء القدامى على أن القتال هو أداة الدولة الإسلامية
الحركية لتحطيم القوى التي تقف في وجه نشر سلطان الإسلام على العالم، فالعلاقة
بين دار الإسلام والعالم هي علاقة قتالية تتقدمها الدعوة، ولكن بعض المعاصرين
وتحت تأثير انتشار الأفكار الحديثة عن العلاقات الدولية رأوا أن السلم هو أساس
علاقة الدولة الإسلامية (دار الإسلام) بالعالم، والفقهاء الأقدمون نظروا إلى الجانب
القتالي على أنه ينسخ الأحكام المرحلية التي أجازت السلم، بينما رأى المعاصرون
أن أحكام السلم محكمة وتمسكوا بها وأسسوا علاقة العالم الإسلامي (دار الإسلام)
بالآخر على أنها: علاقة ود ومحبة وعدم اعتداء، وبدون الدخول في الجدل الفقهي- فلذلك موضع آخر- فإننا نحاول من خلال التتبع للدلالة اللغوية والشرعية لكلمتي
السلم والقتال أن نؤسس تصوراً جديداً.
سادساً: بناء تصور جديد لعلاقة دار الإسلام بالعالم
من خلال المدخل اللغوي:
الدلالة اللغوية لكلمة السلم كما أوضحناها لا تنفي وجود تعارض في المصالح
والأفكار والأهداف بين دولة وأخرى، لذا: عكسنا قولة (كلاوزنتر) فقلنا: إن
السلم هو الحرب بوسائل أخرى، فليس معنى أن تكون علاقة الدولة الإسلامية
بالآخرين هي علاقة سلم أن ينتفي الصراع بينهما ولكنه يبقى قائماً واحتمالاته
مفتوحة، فقد يكون التعارض لأسباب سياسية أو اقتصادية أو استراتيجية ولكل حالة
منها أسلوب في إدارة الصراع مع العالم.
أما الدلالة اللغوية لكلمة القتال فإنها لا تعني الانخراط في حرب عفوية بشكل
دائم مع العالم، ولكن هناك مستويات دون القتال تجعل الأمة على أهبة الاستعداد
والاستنفار لمواجهة العدو لأي سبب من الأسباب، فعلاقة القتال في جوانبها الأهم
تتمثل في الاستعداد النفسي من قبل لحالة الحرب، ويمكن تصور أن معنى حالة
السلم بمعنى الصلح متداخل ومتقاطع مع معاني القتال ودلالته التي تركز على
الجانب التربوي بحيث لا يتحول السلم الذي تقيمه الأمة إلى ركون للدنيا وكراهية
للموت، وإنما هو سلم واعٍ ومستعد إذا حاولت الأطراف الأخرى أن تنقض اتفاقها
مع الدولة الإسلامية أو بدا للدولة الإسلامية أن حالة الضرورة أو المصلحة غير
متوافرة، فهو لذلك سلم له طابع مرن ومتغير وليس سلماً مؤثراً، ولا توجد في
العلاقات الدولية المعاصرة حالة سلم دائم أو حالة حرب دائمة، وإنما هي حالة
صراع دائم لا يتوقف، وكلمة السلم والقتال تتضمنان حالة الصراع أكثر من معاني
الاستسلام أو الحياد. إن الاستعداد الدائم للحرب سواء أكان ذلك في حالة السلم أو
ما قبل القتال هو الردع الذي يمنع الخصم من أن يضر بمصالحك أو أن يعتدي
عليها، واستراتيجية الردع المتبادل الآن ليست سوى تملك أدوات القتال والتهديد
بالاستعداد لاستخدامها دون الاستخدام الفعلي لها، وهي استراتيجية تتداخل فيها
تعبيرات السلم والصراعية وتعبيرات القتال السلمية التي تحقق أهداف الحرب دون
استخدامها.
قطوف رمضانية
قال -صلى الله عليه وسلم-: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله
حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) رواه البخاري