نصوص شعرية
الفجر الدامي
جريمة ومجزرة في المسجد الإبراهيمي
د. عدنان علي رضا النحوي
دَوّى الأذانُ! فَيَا مَنَابرُ أوّبي ... شوقاً إلى خُضُرّ الجنَان وردّدي
وكَأنّ شَقْشَقَةَ الطُيُور نَدَاوَةٌ ... رَفّت وَتَسْبيحُ الرّبى والأوهُد
وكأنّ وَسْوَسَة الزّهور تظلّ تَسأ ... لُ ما يُخَبّأ يا مَرابعُ في غَد
وتَنَفّسَ الوَرْدُ الغَنيّ كأنّهُ ... عَبَقٌ يجودُ بعطره المتورّد
يُلقي على الساحات من دَمه دَماً ... ليَقُول: يا دُنيا أطلّي واشهَدي
* * * *
وَتَنَفّسَ الصّبحُ النّديّ وحَوّمَتْ ... بَينَ الدّيار مُنى وطلعةُ شُهّد
يَسْعَون للبَيّت المنوّر بالهُدى ... مُستَبشرين بجَولة أو مَوعد
نعمَ البُكورُ، وتلكَ عَزْمَةُ مُؤمن ... والجُمعَةُ الزّهراءُ لَهْفَةُ أرشَد
والنورُ من رمضَانَ مُنْبَلحٌ على ... سَاحاتهَا فَيْضاً غَنيّ المورد
يَا للفَضَائل! كُلّها قد جُمّعَتْ ... للصّائمينَ القائمينَ السّهّد
* * * *
رُفعُ الأذَان فأقبَلُوا وصُفُوفُهم ... مَرصُوصَةٌ وَقُلُوبُهم شَوقُ الغَد
الله أكبَرُ! فانحَنَوا لركُوعهم ... والله يَسمعُ خَفقَةَ المُتَوَجّد
رَفَعوا وأهوَوا للسّجود فَلا تَرَى ... إلا خُشُوعَ العابدينَ السّجّد
دوى الّرصاص! وخَلّفَ كُلّ رصاصة ... عات تمرّسَ في الضّلال الأنكَد
دوّى الرصاصُ! فكم شَهيد فجرت ... أضلاعُه ومُجَنْدَل لم يُرفَد
تتطايَرُ الأشلاءُ! كُلّ ضَحيّة تَشكُو لبَارئهَا هَوانَ الهُجّد
وتَلاقَت الأشلاءُ عَبْرَ فَضَائها ... منَ كُلّ ناحية تُباحُ لمُعتَدي
من أرض «كشمير» نداءُ دمَائها ... من أرض بوسْنةَ صَرخَةٌ لم تُنْجَد
من كُلّ مجزَرَة بَقايا أمّة ... تُلْقَى وتُنْثَر في الفَضَاء الأربد
أضْحَت دمَاء المسلمينَ مُباحَةً ... للمُجرميينَ! لكُلّ عَات مُفْسد
وديارُنا أضْحَتْ مُفَتّحَةً لَهُم ... وقُلُوبُنَا فَتحت لفتنَة مُلحد
* * * *
يا لليَهود! وخَلفَ كُلّ مُصيبة ... فتَنٌ لَهُمْ وَيَدٌ! فَيَا شَرّ اليَد!
جَمَعُوا منَ الأحلاف بَيْنَ حبَالهم ... دُوَلاً فماجُوا بالبَلاء المُرعِد
لا! لا يُريدون السلامَ ولا يُريدُ ... الأمريكَانُ وَلا طبائع مُعتدي
جَعَلُوا السلام خَديعةً نَصَبُوا بها ... شَركاً يُمَدّ لحائر مُترَدّد
أينَ النظَامُ العالميّ وأينَ يا ... دُنيا حُقوقُ مُقَتّل ومُطَرّد؟ !
أينَ العَدَالةُ والوُعُودُ وكَيفَ يُر ... جى العَدل من ذئب يَجُولُ وأسود [1] ؟ !
يا أمّتي إن لَم تُفيقي فاشهَدي ... أموَاجَ لَيْل زَاحف مُتَمَدّد
لُمي صُفُوفك، أمة الإسلام، كَال ... بنيَان مَشْدوداً بعَهد آكد
خُوضي مَيادين الجهاد وَرَجّعي ... شَوْقَ الشّهادة دوُنَ ذلك وانهَدي
يا أمة الإسلام تلك أمانَةٌ ... وشَهَادَةٌ لله! قُومي فاشْهَدي
لا! لن يُقيمَ العَدْلَ إلا مُؤمنٌ ... صَدَقَ الإله وقالَ: يَا نَفسي ردي
* * * *
دارَ الخليل تحية من مُهجة ... عَرَفتْ جَلالَ جهادك المُتَوَقّد
قد كُنت بالأمس القريب غَنيّة ... بالبَذْل زاهيَةً بجُودك واليَد
طَهّرت أرضَك من تَدفّق رجسهم ... ورَويتها بالطّهر من دَمك النّدي [2]
واليومَ أعلَيت الوفاءَ فهذه ... زُمَرٌ تَواثَبُ للشّهادة فاسعدي
وغَداً تَرَيْنَ مَوَاكباً مَوصُولةً ... لله زاحفةَ وطلْعة رُوّد
والنصرُ كالفجر المنّور مُقبلٌ ... بُشرى إليك وآيةٌ للمُهْتَدي
ميلي إلى الأقصى! حَنيُك لم يَزَلْ ... صَفْوَاً وَعَهْدَاً لم يَزَل أمَل الغَد
ميلي هُناكَ وجَدّدي عَهداً أبرّ ... لجوْلة تُوفي بصدْق الموعد
* * * *