مجله البيان (صفحة 1231)

أحوال

شعر:محمود مفلح

غداً أمضي وبعد غد أعودُ ... كأني لا أُرادُ ولا أُريد!

ويثقل في دروب النور خطوي ... وفي هذا الدجى بصري حديد

وما لي قد حنْيتُ اليوم ظهري ... وأزعُمُ أنني رجلٌ شديدُ

وأزعم أنَّ ملءَ السمع ذكري ... وذكري مثل صاحبه بليدُ!

وأزعمُ أنني ما زلتُ غضّاً ... وفوق الطوْق قد شبّ الحفيد! !

وأمضي كالكفيف إلى مصيري ... وأمضي لا أتيه ولا أحيدُ

وأعجب كيف لا اسطيعُ نُطقاً ... وتحتَ لساني الدرُّ النضيدُ! !

عتبتُ عليك يا زمنَ الأفاعي ... أتعبثُ في مصائرنا القرود؟

أتحكمنا النذالة والنفايا ... وترسمُ ما تشاء وما تُريد؟

عتبتُ عليك كيف تشل ساقي ... ويَخفقني بدرِّتك العبيدُ؟

تواريني التراب ولستُ ميتاً ... كما واريتني وأنا وليد

لماذا يا عدوَّ الله تبكي ... وقلبُك من فظاظته حديد؟ ؟

ألفناها دموعَ الذل حتى ... سئمنا ما نقولُ وما نُعيد

تجودُ وما علمتُ لديك شيئاً ... تجودُ به، فكيف إذن تَجود؟ ؟

وتعييني الإجابةُ يا صديقي ... فبحر الصمت ليس له حدود

كتبت على جدار الصبر شعري ... فلم يبق الجدارُ ولا القصيد!

وعبدّتُ الطريق فما مشينا ... وبيضتُ الهمومَ وهن سود

وكم أَرّخْتُ من عطشي فصولاً ... لتزهر في أكفكمُ الورودُ!

وكم أنذرتكم في الصبح جيشاً ... وقلت لكم لقد رجعت يهود!

وتزحف هذه الخمسون نحوي ... أَوَ عْدٌ يا جُهينةُ أم وَعيدُ؟ ؟

إليكَ إليكَ يا وطني المفدى ... وأدري أنه قُطع البريد

فلا الزيتون في عيني ذاو ... ولا عِنب الخليل به صدود

عشقتكِ يا جبال النار طفلاً ... ونارُ العشقَ ليس لها خمودُ

أمدّ عليك حين الحرّ جفني ... ويرعشُ حين أذكرك الوريدُ

وحاشا أن أخون العهد يوماً ... وحاشا أن يساورني الجحود

أنحيا كالقطيع ولا نبالي ... ونزعمُ أنه العيش الرغيد؟

وتنسلخ البلاد بساكنيها ... وتُنتهك الحدود فلا حدود

ونمضغ ذلَّنا والعارُ يمشي ... على أكتافنا وله جنودُ

وكيف ألمُّ يا أبتاه صوتي ... ويخرسُ فوق حنجرتي النشيدُ؟ ؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015