مجالس ثعلب (صفحة 90)

وحدثنا أبو العباس، ثنا ابن الأعرابي قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ جالساً مع أصحابه إذا نشأت سحابة، فقيل: يا رسول الله، هذه سحابة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف ترون قواعدها؟ قالوا: ما أحسنها واشد تمكنها. قال فكيف ترون رحاها؟ قالوا: ما أحسنها وأشد استدارتها. قال: فكيف ترون بواسقها؟ قالوا: ما أحسنها وأشد استقامتها. قال: فكيف ترون برقها، أو ميضاً أم خفيا أم يشق شقا؟ قالوا: بل يشق شقاً. قال: فهذا الحيا. قالوا: يا رسول الله ما أفصحك، ما رأينا الذي هو افصح منك. فقال: " ما يمنعني وإنما أنزل القرآن بلساني، بلسان عربي مبين ".

قال: قواعدها أسافلها. ورحاها: وسطها ومعظمها. وبواسقها: أعاليها. وإذا استطار البرق فيها من طرفها إلى طرفها، وهو أعاليها، فهو الذي لا يشك في مطره وجوده. وإذا كان البرق من أسافلها لم يكد يصدق.

قال: وقال رجل من العرب وقد كبر، وكان في داخل بيته: كيف تراها يا بني؟ قال. أراها نكبت وتبهرت، وأرى برقها أسافلها. قال: أخلقت يا بني.

قال: والومض: أن يومض إيماضة ضعيفة ثم يخفي، ثم يومض. وليس في هذا إياس من مطر. قال: ويكون ولا يكون. وأما المسلسل في أعاليها فلا يكاد يخلف.

وأنشد:

لما تبيينا أخا تميم ... أعطى وعطاء اللحز اللئيم

تبيينا: تعمدنا.

وأنشد:

بيا لهم إذ نزلوا الطَّعاما ... الكبد والملحاء والسناما

بيا: هيأ.

ويقال: ما ذقت غماضا، وما جعلت في عيني حثاثا وحثاثا. معناه ما ذقت نوماً ولا أكتحلت به.

وأنشد:

نجا سالم والنفس منه بشدقه ... ولم ينج إلا جفن سيف ومئزرا

قال: وقال الفراء: هكذا أنشدني يونس، فقلت له: لم نصب الجفن " فقال: أراد سيف قال أبو العباس: قال الفراء: هذا خطأ.

وأنشد.

فلا تستطل مني بقائي ومدتي ... ولكن يكن للخير فيك نصيب

قال: أراد " ليكن ". قال: وظهور اللام اجود.

وأنشد:

فقلت أدعي وأدع فإن أندى ... لصوتٍ أن ينادي داعيان

أراد: ولأدع.

حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى في قوله تعالى: " أزفت الآزفة " قربت القيامة.

وقال: الهجرع، يقال هو الجبان ويقال الشجاع، ويقال الطويل. قوله: " ليس لها من دون الله كاشفة " أي لا يكشفها إلا هو، وأدخل الهاء للمبالغة كقولك رجل علامة.

ويقال: هذا أهجر من هذا، أي أطول وأحسن.

وأنشد:

وحسبتنا نزع الكتيبة غدوة ... فيغيفون ونرجع السرعانا

يغيفون: يتخلفون. والسرعان: أول كل شيء.

وأنشد:

قد أكنبت كفاك بعد لين ... " وبعد دهن البان والمضنون

وهمتا بالصبر والمرون ".

أكنبت: غلظت يداه على العمل، ويقال: كنبت وأكنبت. وأنشد:

وقالوا صرانا اليوم عين بكيةٌ ... وكذانةٌ صاقورها يتقلقل

قال: الصرا: ما تقطع من شيء؛ يريد بئراً. والبكية: القليلة الماء. وكذانة: جبل صلب. والصاقور: فاس عظيم. يتقلقل: أي لا يعمل فيها من صلابتها في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من كنت مولاه فعلى مولاه "، وقال: " من كنت وليه فعلى وليه ".

وأنشد:

ترى كل حرجوج دلاث ضليعةٍ ... رفودٍ توفي محلبا بعد محلب

وأخرى على عسنٍ بني الصيف نيها ... عرور بها لولا الغني لم تحلب

قال: العسن: الشحم العتيق. يقول: كسبها في الصيف الشحم. ويقال ناقة عراء إذا لم يكن لها سنام.

وأنشد:

هلا عطفت على ابن أمك معبدٍ ... والعامري يقوده بصفاد

وذكرت من لبن المحلق شربة ... والخيل تعدو بالصعيد بداد

هلا فوارس رحرحان هجوتم ... عشراً تناوح في سرارة واد

لا تأكل الإبل الغراث نباته ... بل لا يقوم عماده لعماد

قال: يقول: هذا رجل هرب عن أخيه وجعله ابن أمه لأنه أخصُّ من ابن الأب. والعشر: نبتٌ حسن المنظر مُرُّ المذاق. البر: ثمر السلم.

وأنشد:

رشوف وراء الخور لو تندري لها ... صباً وشمال حر جف لم تقلب

قال: الخور: قليلات الشرب. قال: هذه من طول عنقها تشرب من ورائهم لا تقلب من قوتها. وأنشد مثله:

لو أنه البول لظلت تشربه.

قال: لا تعاف شيئاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015