ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي، قال: حدثني عمر بن شبة قال: حدثني ابن سلام قال: سمعت أعرابياً يخبر يونس قال: فارق أعرابيٌ امرأته فقالت: " إن كنت إذا أكلت لتحتف، وإذا شربت لتشتف، وإذا نمت لتلتف، ". قال: قال: " والله إن كنت لبولة منعةً طلعة قبعة ".
وحدثنا أبو العباس: ثنا عمر بن شبة، قال: حدثني سعيد بن عامر، عن جويرية بن أسماء قال: لما أراد معاوية البيعة ليزيد كتب إلى مروان وهو على المدينة، فقرأ كتابه فقال: إن أمير المؤمنين قد كبرت سنه، ورق عظمه، وقد خاف أن يأتيه أمر الله فيدع الناس كالغنم لا راعي لها، وقد أحب أن يعلم علماً ويقيم إماماً ". قالوا: وفق الله أمير المؤمنين وسدده، ليفعل: فكتب بذلك إلى معاوية، فكتب إليه أن سم يزيد. قال: فقرأ الكتاب عليهم وسمى يزيد، فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: كذبت والله يا مروان، وكذب معاوية معك، لا يكون ذاك، لا تحدثوا علينا سنة الروم: كلما مات هرقل قام هرقل. فقال مروان: هذا الذي قال الله تعالى: " والذي قال لوالده أف لكما أتعدانني أن أخرج " قال: فسمعت ذلك عائشة فقالت: ألا بن الصديق يقول هذا؟ ! استروني. فستروها فقالت: كذبت والله يا مروان، إن ذلك لرجل معروف النسب. قال: فكتب بذلك مروان إلى معاوية، قال: فأقبل، فما دناه من المدينة استقبله أهلها. فيهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير، والحسين بن علي، وعبد الرحمن بن أبي بكر فأقبل على ابن أبي بكر فسبه. فقال: لا مرحباً بك ولا أهلاً فلما دخل الحسين قال: لامرحباً بك ولا أهلاً، بدنةٌ يترقرق دمها والله مهريقه. فلما دخل ابن الزبير قال: لا مرحباً بضبٍ تلعةٍ مدخل رأسه تحت ذنبه. فلما دخل ابن عمر قال: لامرحباً ولا أهلاً. وسبه، فقال: لست بأهلٍ لهذه المقبلة قال: بلى ولما هو بسببٍ منها. فدخل المدينة وخرج هؤلاء الرهط معتمرين، فلما كان وقت الحج خرج معاوية حاجاً فأقبل بعضهم على بعض فقالوا: لعله قد ندم فأقبلوا يستقبلونه، فلما دخل ابن عمر قال: مرحباً وأهلاً يابن الفاروق، هاتوا لأبي عبد الرحمن دابة. وقال للحسين: مرحباً يا بن رسول الله، هاتوا له دابة. وقال لأبن الزبير: مرحباً يا بن حواري رسول الله، هاتوا له دابة. وقال لأبن أبي بكر: مرحباً يا بن الصديق، هاتوا له دابة. ثم جعلت الصادقة تدخل عليهم ظاهرةً يراهاً أهل مكة وتحسن إذنهم وشفاعتهم قال: ثم أرسل إليهم يوماً، فقال بعضهم لبعض: من يكلمه؟ فأقبلوا على ابن عمر فقال: لست صاحبه. فأقبلو على ابن أبي بكر فأبي، فأقبلوا على الحسين فأبى، فقالوا لأبن الزبير: هات فأنت صاحبنا. قال: نعم، على أن تعطوني عهد الله ألا أقول شيئاً إلا تابعتموني عليه فأخذ عهودهم رجلاً رجلاً، ورضى من ابن عمر بدون مارضي من صاحبيه. قال: فدخلوا عليه فدعاهم إلى بيعة يزيد فسكتوا، فقال: أجيبوني، فسكتوا أيضاً، فقال لأبن الزبير: هات فأنت صاحبهم. قال: اختر منا خصلة من ثلاث. قال: هات، إن في ثلاث لمخرجاً قال: إما أن تفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ماذا؟ قال: لم يستخلف أحداً. قال: وماذا؟ كما فعل أبو بكر. قال: فعل ماذا؟ قال: نظر إلى رجلٍ من عرض قريش فولاه. قال: وماذا؟ قال: تفعل كما فعل عمر. قال: فعل ماذا؟ قال: جعلها شورى في ستةٍ من قريش. قال: ألا تسمعون؟ قد عودتكم على عادةٍ، وإني أكره أن أمنعكموها حتى أبين لكم. إني كنت لا أزال أتكلم بالكلام فتعترضون عليه وتردون على، فإياكم أن تعودوا، فإني قائم فقائل مقالاً، فإن صدقت فلي صدقي، وإن كذبت فعلي كذبي. والله لا ينطق أحدكم في مقالتي إلا ضربت عنقه. ثم أمر بكل رجل رجلين يحفظانه لا يتكلم، ثم قام خطيباً فقال: إن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير والحسين ابن علىٍ، وعبد الرحمن بن أبي بكر قد بايعوا، فبايعوا. فانجفل الناس فبايعوا، حتى إذا فرغ من البيعة ركب بجانب فرمى إلى الشام وتركهم، فأقبل الناس على الرهط يلومونهم، فقالوا: إنا والله ما بايعنا، ولكن فعل بنا وفعل.