مجالس ثعلب (صفحة 88)

حدَّثنا أبو العبَّاس، ثنا بن شبيب، ثنا محمد بن سلام، حدثني أبان ابن عثمان قال: لما ثقل عبد الملك بن مروان أرسل إلى خالد بن يزيد بن معاوية، وخالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد، قال: أتدريان لم بعثت إليكما؟ قالا: نعم، ترينا ما أصبحت فيه من العافية. قال: لا، ولكنه كان في بيعة الوليد وسليمان ما قد علمتما، فإن أردتما أن أقيلكما أقلتكما. قالا: لا، وكيف تقيلنا وقد جعلت لهما في رقابنا مثل هذه السواري. فقال: أجيزا، أما والله لو قلتما غير هذا لقد متكما أمامي.

وحدثنا أبو العباس، ثنا بن شبيب، ثنا محمد بن سلام، قال. وحدثني محمد بن الحارث، قال: دخل ابن أبي ربيعة على عبد الملك، فقال: ما بقي من فسقك يا ابن أبي ربيعة؟ قال: بئست تحية الشيخ ابن عمه على بعد المزار.

وأنشد:

ضخم تعلق أشناق الديات به ... إذا المئون أمرت فوقه حملا

الأشناق: دون الديات.

التيعة: أربعون من الشاء. التيمة: الشاة الواحدة. السيوب: المعادن. القذاف: الميزان؛ والقذاف: الخذروف؛ والقذاف: المنجنيق الهادي: العنق الكتد: أصل العنق.

وقال: إنما أخطأ سيبويه في هذا البيت، فأنشده بالرفع وهو على الخفض:

يا صاح يا ذا الضامر العنس

لأنه ذهب بذا مذهب هذا، وذو يذهب مذهب " هذا " ومذهب " صاحب:، فهي ها هنا في معنى صاحب؛ لأنه قال يا صاحب العنس الضامر والرحل والأقتاب والحلس. وخطأ أن يكون يا هذا العنس والضامر منهم ضرب زيداً، محال إلا أن يقول: منهم من ضرب زيداً. وقال: لم تقع " من " في موضع الأسم إلا في ثلاثة مواضع:

جادت بكفي كان من أرمي البشر

وقوله:

ألا رب منهم من يقوم بمالكا

وقوله:

ألا رب منهم وادع وهو أشوس

كان من أفضلكم زيد. ونصب " زيد " خطأ. قال: لا يحذفون إلا في موضع النصب، لأنه إذا كانت " من " في موضع المفعول فالمفعول لا يحتاج إليه، والفاعل لا بد منه. وتقول: ما قام من أحدٍ، وما ضربت من أحد، وما مررت بأحد. الفراء يقول: المرفوع والمنصوب يفارقان والمخفوض لا يفارق ما خفضه. وقال أبو العبَّاس: الفاعل يكون أن تصرفه إلى من شئت، والمفعول ينصرف إلى ما شئت، والباء لا ينصرف إلا إلى المخفوض.

وقال أبو العبَّاس: لأبي عبيد في الوراط قولان: أحدهما قيمة الإبل، والثاني أن يخفى من المصدق. والقول الثاني الأكثر، وهو قول أصحابنا.

" أن الله أنزل من السماء ماءً فتصبح الارض مخضرة " قال: هذا تأويل الجزاء، أراد إذا أنزل من السماء ماءً تصبح الأرض مخضرة.

مررت بزيد لا بعمرو، قال: الكسائي لا يجيزه إلا مع الباء، والفراء لا يلزمه أن يقوله؛ لأن الكسائي يقول: الثاني محذوف مطلوب، وإذا جاء الخفض لم يحذف الخافض والفعل.

والفراء يقول: إذا حسنت " ليس " موضع " لا " جاز، وأنشد:

إنما يجزي الفتى ليس الجمل

قال سيبويه يقول ليس الجمل يجزي. فجعله فعلاً محذوفاً واستراح.

قال أبو العبَّاس: وأول ما ينبغي أن نقول للكسائي لم حذفت الثاني وطلبته.

وقال أبو العبَّاس في قوله عز وجل: " يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين " قال: يصدق المؤمنين. وقال: اللام تدخل لأنه بني الماضي والمستقبل على الدائم. وهذا قوله، وأنشد:

يذموم للدنيا وهم يرضعونها ... أفاويق حتى ما يدر لها ثعل

وأنشد:

إذا القوس وترها أيد ... رمى فأصاب الكلى والذرى

فأصبحت والليل مستحلسٌ ... وأصبحت الأرض بحراً طما

وقوله: فأصبحت والليل مستحلسٌ، قال: فأصبحنا وكأنا في ليلٍ من شدة الغيم، أي: لم يعلم بالصباح لأن الغيم مقيمٌ متكاثف.

وأنشد:

يغينك عن سوداء وإعتجانها ... وكرك الطرف إلى بنابها

ناتية الجبهة في مكانها ... صلعاء لو تطرح في ميزانها

قال أبو العباس: هذا يصف كمأة.

وقال الصناء: الرماد وهو يمد ويقصر. وقال: يكتب بالألف والياء، والألف أجود.

آخر الجزء التاسع من أمالي أبي العباس ثعلب رحمه الله والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم آمين

الجزء العاشر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015