حدَّثنا أبو العبَّاس، ثنا بن شبيب، ثنا محمد بن سلام، حدثني أبان ابن عثمان قال: لما ثقل عبد الملك بن مروان أرسل إلى خالد بن يزيد بن معاوية، وخالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد، قال: أتدريان لم بعثت إليكما؟ قالا: نعم، ترينا ما أصبحت فيه من العافية. قال: لا، ولكنه كان في بيعة الوليد وسليمان ما قد علمتما، فإن أردتما أن أقيلكما أقلتكما. قالا: لا، وكيف تقيلنا وقد جعلت لهما في رقابنا مثل هذه السواري. فقال: أجيزا، أما والله لو قلتما غير هذا لقد متكما أمامي.
وحدثنا أبو العباس، ثنا بن شبيب، ثنا محمد بن سلام، قال. وحدثني محمد بن الحارث، قال: دخل ابن أبي ربيعة على عبد الملك، فقال: ما بقي من فسقك يا ابن أبي ربيعة؟ قال: بئست تحية الشيخ ابن عمه على بعد المزار.
وأنشد:
ضخم تعلق أشناق الديات به ... إذا المئون أمرت فوقه حملا
الأشناق: دون الديات.
التيعة: أربعون من الشاء. التيمة: الشاة الواحدة. السيوب: المعادن. القذاف: الميزان؛ والقذاف: الخذروف؛ والقذاف: المنجنيق الهادي: العنق الكتد: أصل العنق.
وقال: إنما أخطأ سيبويه في هذا البيت، فأنشده بالرفع وهو على الخفض:
يا صاح يا ذا الضامر العنس
لأنه ذهب بذا مذهب هذا، وذو يذهب مذهب " هذا " ومذهب " صاحب:، فهي ها هنا في معنى صاحب؛ لأنه قال يا صاحب العنس الضامر والرحل والأقتاب والحلس. وخطأ أن يكون يا هذا العنس والضامر منهم ضرب زيداً، محال إلا أن يقول: منهم من ضرب زيداً. وقال: لم تقع " من " في موضع الأسم إلا في ثلاثة مواضع:
جادت بكفي كان من أرمي البشر
وقوله:
ألا رب منهم من يقوم بمالكا
وقوله:
ألا رب منهم وادع وهو أشوس
كان من أفضلكم زيد. ونصب " زيد " خطأ. قال: لا يحذفون إلا في موضع النصب، لأنه إذا كانت " من " في موضع المفعول فالمفعول لا يحتاج إليه، والفاعل لا بد منه. وتقول: ما قام من أحدٍ، وما ضربت من أحد، وما مررت بأحد. الفراء يقول: المرفوع والمنصوب يفارقان والمخفوض لا يفارق ما خفضه. وقال أبو العبَّاس: الفاعل يكون أن تصرفه إلى من شئت، والمفعول ينصرف إلى ما شئت، والباء لا ينصرف إلا إلى المخفوض.
وقال أبو العبَّاس: لأبي عبيد في الوراط قولان: أحدهما قيمة الإبل، والثاني أن يخفى من المصدق. والقول الثاني الأكثر، وهو قول أصحابنا.
" أن الله أنزل من السماء ماءً فتصبح الارض مخضرة " قال: هذا تأويل الجزاء، أراد إذا أنزل من السماء ماءً تصبح الأرض مخضرة.
مررت بزيد لا بعمرو، قال: الكسائي لا يجيزه إلا مع الباء، والفراء لا يلزمه أن يقوله؛ لأن الكسائي يقول: الثاني محذوف مطلوب، وإذا جاء الخفض لم يحذف الخافض والفعل.
والفراء يقول: إذا حسنت " ليس " موضع " لا " جاز، وأنشد:
إنما يجزي الفتى ليس الجمل
قال سيبويه يقول ليس الجمل يجزي. فجعله فعلاً محذوفاً واستراح.
قال أبو العبَّاس: وأول ما ينبغي أن نقول للكسائي لم حذفت الثاني وطلبته.
وقال أبو العبَّاس في قوله عز وجل: " يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين " قال: يصدق المؤمنين. وقال: اللام تدخل لأنه بني الماضي والمستقبل على الدائم. وهذا قوله، وأنشد:
يذموم للدنيا وهم يرضعونها ... أفاويق حتى ما يدر لها ثعل
وأنشد:
إذا القوس وترها أيد ... رمى فأصاب الكلى والذرى
فأصبحت والليل مستحلسٌ ... وأصبحت الأرض بحراً طما
وقوله: فأصبحت والليل مستحلسٌ، قال: فأصبحنا وكأنا في ليلٍ من شدة الغيم، أي: لم يعلم بالصباح لأن الغيم مقيمٌ متكاثف.
وأنشد:
يغينك عن سوداء وإعتجانها ... وكرك الطرف إلى بنابها
ناتية الجبهة في مكانها ... صلعاء لو تطرح في ميزانها
قال أبو العباس: هذا يصف كمأة.
وقال الصناء: الرماد وهو يمد ويقصر. وقال: يكتب بالألف والياء، والألف أجود.
آخر الجزء التاسع من أمالي أبي العباس ثعلب رحمه الله والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم آمين