به الخليفة الراشد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يقول: " من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تهذيبه لسيرته قبل تهذيبه بلسانه، فمعلم نفسه ومهذبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومهذبهم " (?) .
وهل يجني الذين يقولون ما لا يفعلون. . ويعظون ولا يتعظون، ويرشدون ولا يسترشدون إلا سخرية العباد، وسخط رب العباد، يخسرون دينهم ودنياهم وذلك هو الخسران المبين. قال الشعبي: " يطلع يوم القيامة قوم من أهل الجنة على قوم من أهل النار فيقولون لهم: ما أدخلكم النار وإنما دخلنا الجنة بفضل تأديبكم وتعليمك فيقولون: إنا كنا نأمر بالخير ولا نفعله وننهى عن الشر ونفعله " (?) .
إن الواجب على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون حريصا على إصلاح سره كما يجب عليه أن يكون حريصا على إصلاح جهره.
عليه أن يكون حريصا على نفسه فلا يخادعها ومع الناس، فلا يرائيهم ولا ينافقهم. . وليسمع قول ابن السماك في هذا المعنى: " كم من مذكر بالله ناس الله، وكم من مخوف بالله جريء على الله، وكم مقرب إلى الله بعيد عن الله فار من الله، وكم من تال لكتاب الله منسلخ عن آيات الله " (?) .
فالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر يجب أن يخشى الله لا الناس، ويخلص له في سره وجهره فلا يكون في ظاهره ملاكا وفي باطنه شيطانا، وليحذر أن يكون ممن عناهم الله بقوله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ} [النساء: 108] (?) .