رسولهُ محمدا - صلى الله عليه وسلم - بمكارم الأخلاق وسني الخصال فقال جلّ من قائل: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] (?) وقال تعالى {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159] (?) .
الرِّفْقُ والمعاملة الحسنة الكريمة هي التي ألانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلوب الأعراب الغلاظ الجفاة وأدت إلى سرعة استجابتهم لدعوته وقبولها، والنصح والتواصي بالخير بالحق من صفات المؤمنين الصالحين وسبب من أسباب الفوز يوم الفزع الأكبر (?) .
والخلاصة أنه ينبغي لمن يقوم بواجب النصيحة أن يبتغي بنصيحته لولاة الأمور وغيرهم وجه الله ولا يفعل هذا سمعة ورياء، كما يجب أن يكون هدفه الأول والأخير ردهم إلى الحق والصواب وإعانتهم على إقامة شرع الله وما فيه صلاح الرعية.
ثانيا: ينبغي أن تكون النصيحة بين الناصح والمنصوح سرا وخاصة إذا كانت النصيحة لولي الأمر، لأن طبيعة النفس البشرية، تحب ألا تبدو ناقصة أمام الآخرين ويترتب على هذه الطبيعة طبيعة أخرى، وهي أنها تبغض من يحاول أن يبدي بعض عيوبها أمام الآخرين بغضا يجعلها تأبى قبول الإصلاح فيها وحتى وإنْ كان النقدُ في محله، والعيبُ موجودا وذلك على سبيل العناد لمن بين هذه العيوب، ويستثنى من هذه الطبيعة البعض القليل، والذي يسعى هو بنفسه للآخرين من أجل أن يبينوا له العيوب، ولكن ليس أمام الآخرين، ويعدون ذلك نوعا من التوبيخ لا يرضون استماعه ولنسمع هنا إلى الإمام الشافعي وهو يقدم لأحد هؤلاء الذين فقدوا هذه القاعدة من قواعد الإنكار (?) .