طلبة الْعلم منصرفين عَنهُ زاهدين فِيهِ، وَمن أُلْزِم بِهِ رأى أَنه يدرس علما لَا ثَمَرَة لَهُ، وَأَنه حُمِّل حملا عَظِيما بِلَا فَائِدَة وَلِهَذَا وَغَيره كَانَ الْوَاجِب أَن يرجع بالعلوم الإسلامية عُمُوما، وبعلم أصُول الْفِقْه خُصُوصا إِلَى الصفاء السَّابِق وَأَن ترد إِلَى أُصُولهَا الثَّابِتَة الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا الْأَئِمَّة المعتبرون المهديون “وَقد صُنِّف فِي الْإِسْلَام عُلُوم النَّحْو، واللغة، وَالْعرُوض، وَالْفِقْه، وأصوله، وَالْكَلَام، وَغير ذَلِك، وَلَيْسَ فِي أَئِمَّة هَذِه الْفُنُون من كَانَ يلْتَفت إِلَى الْمنطق، بل عامتهم كَانُوا قبل أَن يعرب هَذَا الْمنطق اليوناني، وَأما الْعُلُوم الموروثة عَن الْأَنْبِيَاء صرفا وَإِن كَانَ الْفِقْه وأصوله مُتَّصِلا بذلك فَهِيَ أجل وَأعظم من أَن يظنّ أَن لأَهْلهَا التفاتاً إِلَى الْمنطق، إِذْ لَيْسَ فِي الْقُرُون الثَّلَاثَة من هَذِه الْأمة، الَّتِي هِيَ خير أمة أخرجت للنَّاس، وأفضلها الْقُرُون الثَّلَاثَة، من كَانَ يلْتَفت إِلَى الْمنطق أَو يعرج عَلَيْهِ، مَعَ أَنهم فِي تَحْقِيق الْعُلُوم وكمالها بالغاية الَّتِي لَا يدْرك أحد شأوها كَانُوا أعمق النَّاس علما، وَأَقلهمْ تكلفاً وأبرهم قلوباً”1 “وَإِنَّمَا الْهدى فِيمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول الَّذِي قَالَ الله فِيهِ {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ} 2 3.

“وَالصَّوَاب فِي جَمِيع مسَائِل النزاع مَا كَانَ عَلَيْهِ السّلف من الصَّحَابَة، وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان، وَقَوْلهمْ هُوَ الَّذِي يدل عَلَيْهِ الْكتاب، وَالسّنة، وَالْعقل الصَّرِيح”4.

فَيجب أَن يُعْرَضَ مَا دُوِّن فِي كتب أصُول الْفِقْه على الْكتاب وَالسّنة على ضوء فهم السّلف الصَّالح رضوَان الله عَلَيْهِم، كَمَا يعرض الذَّهَب على النَّار،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015