ليبقى النافع الصافي ويرمى الضار فَإِن “مسَائِل النزاع الَّتِي تنَازع فِيهَا الْأمة فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع إِذا لم ترد إِلَى الله وَالرَّسُول لم يتَبَيَّن فِيهَا الْحق، بل يصير فِيهَا المتنازعون على غير بَيِّنَة من أَمرهم”1 و “من بنى الْكَلَام فِي الْعلم، وَالْأُصُول، وَالْفُرُوع، على الْكتاب، وَالسّنة، والْآثَار المأثورة عَن السَّابِقين، قد أصَاب طَرِيق النُّبُوَّة”2.
وَمن أجل مَا تقدم عقدت الْعَزْم على أَن أبذل مَا أمكنني فِي محاولة الْمُشَاركَة فِي إِعَادَة هَذَا الْعلم الْأَصِيل إِلَى أصالته السلفية، وَبَيَان زيف مَا أُدْخِل فِيهِ مِمَّا لَيْسَ مِنْهُ ويضر وَلَا ينفع وَبعد طول بحث وَكَثْرَة الْكَشْف وَالسُّؤَال، وتدبر لأنجع الطّرق فِي ذَلِك، ظهر لي أَن خير وَسِيلَة لذَلِك نقل أَقْوَال الْعلمَاء النقاد، الَّذين سخروا حياتهم لنصرة الْكتاب وَالسّنة، وإبراز نصوصهم، وَرَأَيْت أَن أَكثر هَؤُلَاءِ الْعلمَاء تناولاً لمباحث أصُول الْفِقْه عرضا، ونقداً، وتحليلاً وتقريراً، شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية رَحمَه الله فعزمت على إِخْرَاج موسوعة أصولية من كتب شيخ الْإِسْلَام بِحَيْثُ يكون متنها من كَلَامه رَحمَه الله فَبَدَأت بِمَجْمُوع الْفَتَاوَى فَقَرَأته قِرَاءَة كَامِلَة مرَارًا، واستخرجت كل مَا يتَعَلَّق بأصول الْفِقْه فِي هَذَا الْمَجْمُوع الْمُبَارك وَقسمت ذَلِك إِلَى أَقسَام، أَولهَا قسم التعريفات الْأُصُولِيَّة وَهُوَ بحث قُدم لإحدى المجلات المحكمة لنشره فِيهَا.
وَأما الْقسم الثَّانِي فَهُوَ المباحث الْأُصُولِيَّة الَّتِي انتقدها شيخ الْإِسْلَام فِي مَجْمُوع الْفَتَاوَى وَهَذَا الْبَحْث الَّذِي بَين أَيْدِينَا باكورة هَذِه المباحث بعنوان “مبَاحث الْأَمر الْأُصُولِيَّة الَّتِي انتقدها شيخ الْإِسْلَام فِي مَجْمُوع الْفَتَاوَى” وستتلوه إِن شَاءَ الله بَقِيَّة المباحث وَهِي كلهَا بِحَمْد الله جاهزة للدَّفْع للنشر قَرِيبا بِإِذن الله تَعَالَى.