وعندما أدخلت هَذِه الفلسفات وصناعة الْمنطق فِي الْعُلُوم الإسلامية انحرفت بِكَثِير مِنْهَا عَن جادة الصَّوَاب، ومعين الْكتاب وَالسّنة لذا تَجِد أَن “كثيرا من النَّاس يقْرَأ كتبا مصنفة فِي أصُول الدّين وأصول الْفِقْه بل فِي تَفْسِير القرءان والْحَدِيث وَلَا يجد فِيهَا القَوْل الْمُوَافق للْكتاب وَالسّنة الَّذِي عَلَيْهِ سلف الْأمة وأئمتها وَهُوَ الْمُوَافق لصحيح الْمَنْقُول وصريح الْمَعْقُول، بل يجد أقوالاً كلٌّ مِنْهَا فِيهِ نوع من الْفساد والتناقض، فيحار مَا الَّذِي يُؤمن بِهِ فِي هَذَا الْبَاب، وَمَا الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُول، وَمَا هُوَ الْحق والصدق، إِذْ لم يجد فِي تِلْكَ الْأَقْوَال مَا يحصل بِهِ ذَلِك”1 و “إِدْخَال صناعَة الْمنطق فِي الْعُلُوم الصَّحِيحَة يطول الْعبارَة، وَيبعد الْإِشَارَة، وَيجْعَل الْقَرِيب من الْعلم بَعيدا، واليسير مِنْهُ عسيراً، وَلِهَذَا تَجِد من أدخلهُ فِي الْخلاف، وَالْكَلَام، وأصول الْفِقْه، وَغير ذَلِك، لم يفد إِلَّا كَثْرَة الْكَلَام والتشقيق مَعَ قلَّة الْعلم وَالتَّحْقِيق، فَعلم أَنه من أعظم حَشْو الْكَلَام، وَأبْعد الْأَشْيَاء عَن طَريقَة ذَوي الأحلام”2
وَمَعَ إِدْخَال صناعَة الْمنطق والفلسفة فِي أصُول الْفِقْه أَدخل فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ وَلَا طائل تَحْتَهُ، بل ضَرَره أَكثر من نَفعه وَذَلِكَ لِكَثْرَة من كتب فِيهِ من الْمُتَكَلِّمين “وَأَكْثَرهم لَا خبْرَة لَهُم بِمَا دلّ عَلَيْهِ الْكتاب وَالسّنة وآثار الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان، بل ينصر مقالات يَظُنهَا دين الْمُسلمين، بل إِجْمَاع الْمُسلمين، وَلَا يكون قد قَالَهَا أحد من السّلف، بل الثَّابِت عَن السّلف مُخَالف لَهَا”3
وكل هَذَا جعل علم أصُول الْفِقْه فِي بعض مباحثه علما صَعب الْعبارَة معقد الْأَلْفَاظ بَعيدا عَن أصُول الْأَئِمَّة الْمُتَقَدِّمين فِي الْغَالِب، مِمَّا جعل كثيرا من