القَوْل الرَّابِع: إِن ذَلِك مُمْتَنع عقلا ووارد سمعا، وَهَذَا معنى قَوْلهم “حصل الْإِجْزَاء عِنْده لَا بِهِ” وَهَذَا قَول الباقلاني والرازي والآمدي وَهُوَ أفسد الْأَقْوَال عِنْد شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية.
15 - أَن الصَّوَاب فِي هَذِه الْمَسْأَلَة أَن ذَلِك جَائِز عقلا.
16 - أَن الْفِعْل الْمعِين كَالصَّلَاةِ فِي الدَّار الْمعينَة لَا يُؤمر بِعَينهَا وَينْهى عَن عينهَا لِأَنَّهُ تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق.
17 - أَن الصَّلَاة قد يُؤمر بهَا مُطلقَة وَينْهى عَن الْكَوْن فِي الْبقْعَة الْمَغْصُوبَة فَيكون مورد الْأَمر غير مورد النَّهْي، وَيكون العَبْد هُوَ الَّذِي جمع بَين الْمَأْمُور بِهِ والمنهي عَنهُ إِذا صلى فِي أَرض مَغْصُوبَة، لَا أَن الشَّارِع أمره بِالْجمعِ بَينهمَا.
18 - أَنه قد يُقَال فِيمَن صلى فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة: إِنَّه إِنَّمَا نهي عَن جنس الْكَوْن فِيهَا لَا عَن خُصُوص الصَّلَاة فِيهَا فقد أدّى الْوَاجِب بِمَا لم ينْه عَن الِامْتِثَال بِهِ لَكِن نهي عَن جنس فعله فبه اجْتمع فِي الْفِعْل الْمعِين مَا أَمر بِهِ من الصَّلَاة الْمُطلقَة وَمَا نهي عَنهُ من الْكَوْن الْمُطلق فَهُوَ مُطِيع عاصٍ.
19 - وَأَنه قد يُقَال فِيمَن صلى فِي أَرض مَغْصُوبَة: إِنَّه مَنْهِيّ عَن الِامْتِثَال بهَا كَمَا هُوَ مَنْهِيّ عَن الِامْتِثَال بِالصَّلَاةِ بِالثَّوْبِ النَّجس لِأَن الْمَكَان شَرط فِي الصَّلَاة وَالنَّهْي عَن الْجِنْس نهي عَن أَنْوَاعه فَيكون مَنْهِيّا عَن بعض هَذِه الصَّلَاة.
20 - أَن فعل الْمَأْمُور بِهِ يُوجب الْبَرَاءَة وَقد تقارنه مَعْصِيّة بقدرة تخل بِالْمَقْصُودِ فتقابل الثَّوَاب.
21 - أَن الْعَمَل الْوَاحِد يُمكن أَن يجْتَمع فِيهِ أَن يكون مَأْمُورا بِهِ مَنْهِيّا عَنهُ من وَجْهَيْن أما من وَجه وَاحِد فمتعذر.