فقلت: إني أخشى عدم إنصافهم.
قال: كن أمينا من هذه فإن الشاه جعل على هذا المجلس ناظرا وعلى الناظر ناظرا آخر، ثم على الآخر آخر. وكل واحد لم يدر بحال صاحبه، فلا ينقل للشاه غير الواقع.
فلما قربت من خيمة الملا باشي خرج لاستقبالي راجلا، فإذا هو رجل قصير أسمر له صداغ (?) إلى نصف رأسه، فنزلت عن دابتي فرحب بي وأجلسني فوقه على المنصة وجلس كهيئة التلميذ، فدار الكلام بيننا إلى أن خاطب الملا باشي مفتي الأفغان فقال له:
ـ رأيت اليوم هادي خوجه بحر العلم؟
فقال: نعم
وهادي خوجه هذا قاضي بخارى، لقبه بحر العلم، جاء إلى أوردي الشاه (أي إلى المعسكر) قبل مجيئي بأربعة أيام ومعه ستة من علماء ما وراء النهر (?) فقال الملا باشي:
ـ كيف يسوغ له أن يلقب ببحر العلم وهو لا يعرف من العلم شيئا، فوالله لو سألته عن دليلين في خلافة علي لما استطاع أن يجيب عنهما، بل ولا الفحول من أهل السنة (وكرر الكلام ثلاث مرات) فقلت له:
ـ وما هذان الدليلان اللذان لا جواب عنهما؟