قال: قبل تحرير البحث أسألك هل قول رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لعلي: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي من بعدي»، ثابت عندكم؟
فقلت: نعم إنه حديث مشهور.
فقال: هذا الحديث بمنطوقه ومفهومه يدل دلالة صريحة على أن الخليفة بالحق بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب.
قلت: ما وجه الدليل من ذلك؟
قال: حيث أثبت النبي لعلي جميع منازل هارون ولم يستثن إلا النبوة ـ والاستثناء معيار العلوم ـ فثبت الخلافة لعلي لأنها من جملة منازل هارون. فإنه لو عاش لكان خليفة عن موسى.
فقلت: صريح كلامك يدل على أن هذه القضية موجبة كلية فما سور هذا الإيجاب الكلي؟
قال: الإضافة التي في الاستغراق بقرينة الاستثناء.
فقلت: أولا إن هذا الحديث غير نص جلي وذلك لاختلاف المحدثين فيه، فمن قائل إنه صحيح ومن قائل إنه حسن، ومن قائل إنه ضعيف، حتى بالغ ابن الجوزي فادعى أنه موضوع، فكيف تثبتون به الخلافة وأنتم تشترطون النص الجلي؟!
فقال: نعم نقول بموجب ما ذكرت، وإن دليلنا ليس هذا وإنما قوله - صلى الله عليه وسلم - «سلموا على علي بأمرة المؤمنين» وحديث الطائر. ولأنكم تدعون أنهما موضوعان فكلامي في هذا الحديث معكم، لم لم تثبتوا أنتم الخلافة لعلي به!