فانفعلت ووجدت في نفسي حيث لم يقم على قدميه، فقلت في نفسي: إذا استقر بي الجلوس أقول للاعتماد: إن الشاه أمر برفع المكفرات ووكلني على ذلك، فأول كفر أرفعه الكفر الصادر منك حيث قصدت تحقير العلماء وإهانتهم، ولا أرضى برفعه إلا بقتلك. ثم أقوم من مجلسه وأذهب إلى الشاه لأخبره بالواقعة. هذا كله صورته في نفسي، فلما استقر بي الجلوس نهض على قدميه ورحب بي، وإذا هو رجل طويل جدا أبيض الوجه كبير العينين، لحيته مصبوغة بالوسمة إلا أنه رجل عاقل يفهم المحاورات ويعقل المذاكرات، في طبعه لين، وميل إلى السنة والجماعة. فلما قام علمت أن هذه عادتهم: يقومون بعد جلوس القادم، فأكلت عنده الغداء، فجاء الأمر باجتماعنا مع الملا باشي، فركبت دابتي وجماعة المهمندار يمشون أمامي. فعارضني رجل طويل في الطريق، زيه زي الأفغان. فسلم علي ورحب بي فقلت له: من أنت؟

فقال: أنا الملا حمزة القلنجاني مفتي الأفغان.

فقلت: يا ملا حمزة، أتحسن العربية؟

قال: نعم.

قلت: إن الشاه أمر برفع كل مكفر عند الإيرانيين، فربما ينازعونني في شيء من المكفرات، أو أنهم لا يذكرون بعض المكفرات ونحن لا نعرف أحوالهم ولا عبادتهم، فما اطلعت على مكفر فاذكره حتى أرفعه.

فقال: يا سيدي إياك أن تغتر بقول الشاه، إنه أنما أرسلك إلى الملا باشي ليباحثك أثناء الكلام وفي خلال المباحثة فاحترز منهم!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015