قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن لجسدك عليك حقاً، ولربك عليك حقاً، ولضيفك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، صم وأفطر، وصل وائت أهلك، وأعط كل ذي حق حقه) رواه البخاري.
هذا الحديث هو ميزان ومقياس الوسطية التي امتاز بها الإسلام، لم يشأ النبي صلى الله عليه وسلم أن يستطرد ويقول: وإن لوالديك عليك حقاً، وإن لإخوانك عليك حقاً، وإن لكذا عليك حقاً، لكن بعدما ذكر هذه النماذج من أصحاب الحقوق، ختمها بذلك القول الجامع: (فأعط كل ذي حق حقه).
نتوقف قليلاً عند هذا الحديث؛ لأنه يمس موضوعاً مهماً جداً نبينه إن شاء الله تعالى، هذا الحديث كما ذكرنا يعطي كل مؤمن ميزاناً ليزن به الأمور، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (احرص على ما ينفعك) فالإنسان ليس له وظيفة واحدة، بل له وظائف متعددة، ودوائر الالتزام بالحقوق والواجبات لديه متعددة، فالإنسان المتوازن لا يميل كل الميل إلى وظيفة، ثم يهدر باقي الوظائف، فالطالب مثلاً: وظيفته أنه طالب، يحضر المدرسة، ويذاكر دروسه، هذه وظيفته كطالب، لكن في نفس الوقت هناك واجبات أخرى متنوعة في حقه كابن تجاه والديه وأقاربه وأرحامه، وقبل ذلك كله عليه واجبات تجاه ربه كعبد، والأب مثلاً: عليه واجبات تجاه أولاده كأب، وهو كزوج عليه واجبات تجاه زوجته وتجاه أهله، وواجبات تجاه صلة رحمه وأقاربه، وكعبد لله سبحانه وتعالى عليه واجبات تجاه ربه عز وجل، أيضاً مجال النوافل مفتوح للمتقرب لله سبحانه وتعالى، كذلك إذا أتاه الضيوف عليه واجبات تجاههم، وهكذا، فلكل طرف من هذه الأطراف التزامات على الإنسان، لكل منهم حق نفسه لها حق.