ينبغي للمسلم أن يجتهد في تطبيق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق).
قوله: (من صلى لله) يعني: بغير رياء ولا سمعة، وذلك بألا يحدث أحداً بأنه سيصلي أربعين يوماً متصلة يدرك فيها تكبيرة الإحرام، وهذا أعون له على تجنب الرياء.
قوله: (كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق) وفيها تأثير عجيب وبركة عظيمة يعلمها من طبق هذا الحديث، وهذا الحديث سيكون نقطة تحول في حياة الشاب الذي يريد أن يطبقه ويزيد استقامته على ما يرضي الله تبارك وتعالى.
فهذا الحديث بالذات يعتبر مفتاحاً من مفاتيح الهداية والاستقامة على طاعة الله وتعظيم صلاة الجماعة، وينمي في القلب المحافظة على صلاة الجماعة، ليس هذا فحسب، بل على الإنسان أن يعزم في قلبه على التكبيرة الأولى ما عاش إلى أن يموت؛ لأن الأصل أن يحافظ على التكبيرة الأولى طوال عمره، ولا يفوتها أبداً، والأعمال بالنيات؛ لأنك إذا مت وأنت تنوي أنك تحافظ على تكبيرة الإحرام ما دام فيك عرق ينبض ثم مرضت مثلاً وعجزت عن ذلك؛ يكتب لك ثواب ما نويت، وإذا مت فإنك تثاب على هذه النية، ونية المؤمن أبلغ من عمله، ومن طالع سير السلف الصالح في ذلك رأى عجباً، فقد كان السلف إذا فات بعضهم تكبيرة الإحرام يعزى ثلاثة أيام! فتضييع تكبيرة الإحرام مصيبة، وإذا فاتتهم الجماعة عزوا أنفسهم سبعة أيام، وربما لو فاتتهم الجمعة لعزوا أنفسهم سبعين يوماً.
وقال حاتم الأصم: مصيبة الدين أعظم من مصيبة الدنيا، ولقد ماتت لي بنت فعزاني أكثر من عشرة آلاف، وفاتتني صلاة الجماعة فلم يعزني أحد! فهو ينقم على الناس قلة اعترافهم بالصلاة.
وكان منهم من يبكي عندما تفوته تكبيرة الإحرام مع الجماعة.
ومنهم من كان يمرض إذا فاتته الصلاة مع الجماعة، ومنهم من قارب التسعين من عمره ولم يصل الفريضة منفرداً إلا مرتين، ويقول: وكأني لم أصلهما.
ومنهم من لم تفته صلاة الجماعة أربعين سنة إلا مرة واحدة حين ماتت والدته واشتغل بتجهيزها.
وهذا سعيد بن المسيب يقول فيه تلميذه أبو وادعة: لم ير منذ أربعين سنة إلا ما بين بيته والمسجد.
وهذا سليمان بن مهران الأعمش يقول فيه وكيع بن الجراح: كان الأعمش قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.