إن على الأب أن يعلم الصبي خاصة بعد سن العاشرة أداء السنن الرواتب مع الصلوات المفروضات، فإذا صلى العشاء تتابعه هل صلى السنة البعدية؟ وهل صلى الوتر ولا بأس أن يحرضه على قيام الليل حتى ولو كان جزءاً يسيراً، فمثلاً الأب يقول لأولاده: إنني سأقوم هذه الليلة لصلاة القيام أو التهجد الساعة كذا، فيتركهم هم وحدهم يتنافسون من الذي سيستيقظ دون أن يوقظهم؟ لكن أدخل في برنامجهم أنهم بقيامهم هذا يتقربون إلى الله سبحانه وتعالى، وأنه شيء ليس إلزامياً، يعني: لا تأمرهم بهذا القيام ولا تلزمهم به ولا توقظهم، ولكن قل لهم: سأنظر من منكم سيستيقظ ويشاركني هذه الصلاة، فيتنافسون فيما بينهم من الذي يستيقظ ومن الذي سينام؛ حتى لا يتعودوا على الاعتماد على غيرهم، وإنما يعتمدون على أنفسهم، ولتقوى إرادتهم، ثم إذا صلى بهم القيام يخفف هذه الصلاة، ومن نعس منهم في أثناء الصلاة ففي هذه الحالة يأمره أن ينام رفقاً به، ولا يشدد عليه في الصغر.
فإذا قصر الولد في الصلاة بعد سن العاشرة ففي هذه الحالة وجب على الأب وعظه وتذكيره بالنصوص الشرعية في الصلاة، فإذا استمر في تهاونه أغلظ له في القول وعنفه وعزره، بألا يسلم عليه ولا يمازحه، ويحرمه من بعض الأشياء المحببة لديه، ومن العقاب النفسي أن يكشر في وجهه ويعرض عنه ولا يكلمه ولا يرد عليه، فإذا فشل العقاب النفسي يلجأ الأب إلى العقاب البدني بالشروط التي سنبينها إن شاء الله فيما بعد؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم (واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين) لكن إذا كان الأب قد قصر في أمر الطفل بالصلاة ولم يأمره بالصلاة لا في السابعة ولا في الثامنة ولا في التاسعة وأهمله، أو مات الأب وما التزم الطفل بالدين، وما أدرك خطورة الأمر إلا بعد أن بلغ العاشرة؛ فهل يطبق عليه الحديث تطبيقاً حرفياً؟ إذا كنت -أيها الأب- قد قصرت في البداءة مع الطفل باللين وبالرفق وتركته وأهملته حتى بلغ العاشرة، ففي هذه الحالة لا تستعمل معه العقاب البدني مباشرة بعد العاشرة، لأنك أنت الذي قصرت ولم تعوده على الصلاة، ففي هذه الحالة تبدأ بالتدرج معه وتعوده عليها من جديد إلى أن ينتظم في أمر الصلاة.
إذاً: يعود الطفل على صلاة الجماعة منذ الصغر، والمقصود من ذلك أن ينشأ الطفل على طاعة الله، فأعظم هدية يقدمها الأب لولده أن يكون واحداً من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومنهم: شاب نشأ في عبادة الله.