واجب الآباء تجاه أبنائهم بعد بلوغهم سن السابعة

إذا بلغ الطفل السابعة بالتقويم الهجري وليس بالتقويم الميلادي تقويم النصارى والكفار؛ لأن أي توقيت معين في القرآن أو في السنة فالمقصود به التقويم الهجري، فمثلاً: تجب الزكاة إذا مر على المال حول -أي: سنة- بالحول الهجري لا الحول الميلادي.

كذلك قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} [الأحقاف:15] أي: أربعين سنة هجرية وليست ميلادية، فانتبهوا لهذا.

إذا بلغ الطفل السابعة بالتقويم الهجري ففي هذه الحالة يجب على الأب أن يأمره بالصلاة، ويوجهه إليها بلا ضرب ولا تعنيف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين) وهذا حديث حسن.

وفي هذه المرحلة يأمره بتحصيل ما لا تصح الصلاة إلا به كشروط الصلاة مثل: الطهارة، وستر العورة وغيرهما، ولا ينبغي أن يمر تاريخ سن الطفل إلى سن السابعة مروراً عابراً؛ لأن الطفل إذا بلغ سن السابعة فينبغي أن نحيطه بهالة من الاحتفال والأهمية والتعظيم في عين الطفل، بحيث يبدأ مرحلة جديدة في حياته محاطة بحدث خطير سيحدث؛ لأنه ببلوغه السابعة سيترتب عليه أنه صار الآن مؤهلاً لوظيفة مهمة وهي الصلاة، فلا ينبغي أن ندع الطفل يبلغ السنة السابعة دون أن نعمق هذا الحدث من قبل أن يتم سبع سنين، كأن نقول له: أنت في الشهر المقبل أو بعد شهرين أو بعد ثلاثة أشهر أو بعد أسبوعين ستبلغ سن السابعة، واعلم أنك إذا بلغت هذا التاريخ فأنت مقبل على أمر عظيم وأمر مهم جداً، أنت الآن كبرت، ولم تعد كالأطفال الصغار، والرسول صلى الله عليه وسلم أمرني أن آمرك أن تصلي، فها هو موعد أمرك بالصلاة يقترب فتهيأ لذلك، فإذا بلغ السابعة فصلى أول فرض جمع له أبوه بعض أصدقائه أو بعض أسرته في حفل صغير ابتهاجاً ًبهذه المناسبة الطيبة؛ لأنه صلى أول صلاة، وما الذي يمنع أن نبتكر مثل هذه الأساليب؟! فيؤتى له مثلاً بحلوى أو بهدية، وبعض الكاتبين في هذا الأمر قالوا: تهدى له ساعة بحيث يقال له: إن هذه الساعة هدية لك حتى تستعين بها على ضبط أوقات الصلاة، فيربط له كل شيء بالصلاة.

ثم بعد ذلك ينبغي أن تتم متابعته في الصلاة، ويتابع في مدى محافظته على مواعيد الصلاة، وإذا نسي أو انشغل أو أهمل تذكره بالصلاة: هل صليت؟ يقول تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه:132] قوله: (اصطبر) يعني: داوم ولا تمل، فينبغي أن يكرر الأمر بالصلاة دون ملل، ولنفرض أن الأب شغل أو سافر أو غاب لأي سبب من الأسباب، في هذه الحالة يوكل ويكلف من يقوم مكانه بمتابعة الصبي وأمره بالصلاة خلال فترة غيابه أو شغله، روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (حاسبوا أبناءكم على الصلاة، وعودوهم الخير؛ فإن الخير عادة).

أيضاً لا بأس بمكافأته أحياناً لانتظامه بالصلاة، إذا لوحظ أنه بدأ ينتظم في الصلاة فبين وقت وآخر يكافئه بمكافأة، لكن بشرط ألا يواظب على المكافأة؛ لأنه إذا واظب على المكافأة فهذا يرسخ شعوراً موجوداً أصلاً عند الطفل وهو شعور العمل المبني على الجانب النفعي، وهذا قد ينمي فيه الأنانية، بحيث لا يعمل شيئاً إلا بالمقابل المادي، فالمكافأة حتى تعطي ثمارها ولا تفسد هذا الطفل ينبغي أن تعطى له بين وقت وآخر، حتى لا يتعود أن يحفظ القرآن أو يصلي أو يفعل أي شيء إلا إذا أخذ المعلوم، لكن ينبغي أن يرسخ في ذهنه أن الصلاة شيء أساسي، وأنه إنما يصلي لله، ولا بأس بين وقت وآخر أن تعبر عن شكرك وامتنانك بمحافظته على الصلاة.

أيضاً ينبغي أن تنوع الهدية في كل مرة؛ لأن الهدية إذا تكررت ففرحه بها لن يكون كما ينبغي، لكن تنوع الهدية في كل مرة بصورة ملائمة.

أيضاً على الأب أن يقرن الأمور المحببة بالصلاة، يعني: لا تصور له الصلاة على أنها تكليف وأمر وإلزام، وأنه سيتعرض لعقوبة، لكن تحاول أن تربط الصلاة بالأساليب السلمية دائماً؛ فمتى ما أمكن الطفل أن يصلي بطريقة هادئة وبلطف وبرفق فلا تقفز إلى ما بعد ذلك من الخطوات، كأن تقول له: إذا عملت الشيء الفلاني فسأكافئك بأن أصطحبك معي للصلاة في المسجد، فتزرع في قلبه أن الخروج إلى الصلاة في المسجد هو المكافأة، بحيث تجعل في نفسيته أن ذلك شيء عظيم ومحبب إلى نفسه.

كذلك إذا طالبك بالذهاب معك إلى المسجد فقل له: ماذا عملت حتى تذهب معي إلى المسجد؟ أو قل له: افعل الشيء الفلاني حتى تستحق أن أصحبك إلى المسجد.

فالمهم أن تربط الصلاة بالأمور المحببة إلى نفسه، فمثلاً: إذا أراد الأب أن يخرج مع الأطفال إلى نزهة فليربط مواعيد الأشياء التي يحبونها بالصلاة، فيقول مثلاً: إذا ذهبت وصليت العصر وعدت من صلاة العصر فسأصطحبك معي في هذه النزهة، وهذا يجعلهم ينتبهون لوقت الصلاة، فتراهم يبكرون للصلاة في وقتها؛ لأنها اقترنت بشيء محبوب لديهم.

كذلك مواعيد الأب مع أولاده يربطها بأوقات الصلاة، كأن يريد أن يعد أولاده بشيء فيربطه دائماً بوقت الصلاة، مثل: قبل صلاة العصر، أو بعد أن أصلي المغرب.

أيها الأب! عمق أحداث حياة ابنك بالصلاة؛ حتى تصبح الصلاة هي المحور الذي تدور عليه حياته، ويتعلم الأولاد تنظيم الوقت بناءً على أوقات الصلاة.

أيضاً الأب يذكر أولاده بين الحين والآخر بفضائل الصلاة من القرآن الكريم والسنة الشريفة، فبجانب السلوك العملي في تطبيق الصلاة حتى يكتمل تصوره عن الصلاة ينبغي أن تنمي معلوماته عن الجانب الفكري أو النظري المتعلق بالصلاة وبمنزلتها وأهمية الصلاة، وماذا قال الله وماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن الصلاة وفضائلها، وما يترتب عليها من الفضائل العظيمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015