وينبغي أن يتأمل أيضًا أقوال المزكين ومخارجها فقد يقول العدل: فلان ثقة، وَلا يريد به أنه ممن يحتج بحديثه وإنما ذلك على حسب ما هو فيه ووجه السؤال له فقد يسأل عن الرجل الفاضل المتوسط في حديثه فيقرن بالضعفاء فيقال: ما تقول في فلان وفلان وفلان؟ فيقول: فلان ثقة يريد أنه ليس من نمط من قرن به فإذا سئل عنه بمفرده بين حاله في التوسط.
فمن ذلك أن الدوري قال: سئل ابن معين، عَن مُحَمد بن إسحاق؟ فقال: ثقة , فحكى غيره عن ابن معين أنه سئل عن ابن إسحاق وموسى بن عبيدة الربذي أيهما أحب إليك؟ فقال: ابن إسحاق ثقة.
وسئل، عَن مُحَمد بن إسحاق بمفرده فقال: صدوق وليس بحجة.
ومثله أن أبا حاتم قيل له: أيهما أحب إليك: يونس، أو عقيل؟ فقال: عقيل لا بأس به وهو يريد تفضيله على يونس.
وسئل، عن عقيل وزمعة بن صالح فقال: عقيل ثقة متقن وهذا على حكم اختلاف السؤال.
وعلى هذا يحمل أكثر ما ورد من اختلاف كلام أئمة أهل الجرح والتعديل ممن وثق رجلا في وقت وجرحه في وقت آخر.
وقد يحكمون على الرجل الكبير في الجرح بمعنى لو وجد فيمن هو دونه لم يجرح به فيتعين لهذا حكاية أقوال أهل الجرح والتعديل بنصها ليتبين منها ما لعله يخفى على كثير من الناس إذا عرض على ما أصلناه والله الموفق.