لأن الشخص -مريد العلم- إذا احتاج إلى شيء من الكتب إما أن ينسخه بنفسه، أو يدفع أجرة لمن ينسخه له، وتكون أو يكون ورود الكتب إليه بالتدريج، وحينئذ يتسنى له قراءة هذا الكتاب ومراجعته، فإذا نسخ الكتاب بيده، نسخ الكتاب –بالتجربة- أفضل من قراءته عشر مرات، هذا بالتجربة، وكذا لو دفع أجرة لمن ينسخه له فإنه لم يفرط في هذا الكتاب الذي حرص عليه واستعاره ودفع أجرة لمن ينسخه، والنسخ كما تعلمون بالتدريج، ما هو مثل المطابع الآن، وجدت المطابع، والخلاف الحاصل في الكتابة في أول الأمر حصل في الطباعة في آخر الأمر، ووجد من أهل العلم من يمنع طباعة كتب العلم الشرعي في المطابع، لماذا؟ لأن الناس يعتمدون على هذه المطبوعات، ويقتنون الكتب المطولة بكميات، وبإمكان الشخص أن يقتني في يوم واحد عشرات بل مئات المجلدات، وما عليه إلا أن يرص هذه المجلدات في الدواليب، ثم لا يتسنى له مراجعة الجميع، فصارت الطباعة مع تيسيرها وتسهيلها صارت على حساب التحصيل، وهذا مشاهد، كان أهل العلم وطلاب العلم يعانون أشد المعاناة من نسخ الكتب، يسهرون الليالي المقمرة على الأنوار الخافتة ينسخون الكتب، وبهذا حصَّلوا، لكن الآن من اليسير جداً أن تخرج إلى المكتبات وتشتري جميع ما تريد في ساعة، لكن إذا رجعت ماذا تصنع؟ ترص هذه الكتب في الدواليب، ويبقى بقية يومك للاستجمام، الآن أنت ضمنت الكتب عندك، ولا عليها فوات، بدل اليوم غداً -وهذا شيء مجرب يا إخوان، ما هو من فراغ- ولذا منع بعض العلماء طباعة كتب العلم الشرعي.