وهي عنده أعظم من فتنة الدجال1، بل لقد اقسم أن من سيجئ بعدها سينكرها وحق له ذلك: "وتالله لا شك أن من يجئ بعدنا إذا بعد العهد ويرى هذه الحادثة مسطورة ينكرها ويستبعدها والحق بيده ... ولم ينل المسلمين أذى وشدة مذ جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الوقت مثل ما دفعوا إليه الآن"2.

هذا الوصف كله من ابن الأثير وهو لم يشهد فاجعتهم الكبرى بسقوط بغداد سنة 656هـ وقتل الخليفة العباسي وسفك دماء المسلمين، وهي فاجعة تضاهي ما سبقها بل تزيد، ويمكن القول إنها فتن يرقق بعضها بعضها – وسيتضح – حين الحديث عنها – حجم مآسيها وضخامة أحداثها.

كما أن ابن الأثير لم يشهد كذلك أحداث التتر في نهاية القرن السابع الهجري 699هـ حين عبروا الفرات إلى بلاد الشام وما حولها، وما حصل للمسلمين في هذه الفترة من البلاء والمحن، حتى أذن الله بزوال هذه المحنة وكشف الله عن المسلمين هذه الغمة. وهي فتنة بليت فيها السرائر وانقسم الناس فيها فرقا شتى، وقد أجاد شيخ الإسلام ابن تيمية –وهو شاهد عيان– في وصف الحدث وهوله، وموقف الناس بإزائه فقال: "فينبغي للعقلاء أن يعتبروا بسنة الله وأيامه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015