توطئة

كانت فاجعة "التتار"، وهمجية "المغول" من أعظم ما بلي به المسلمون. ولعل الذين عاشوا محنتها كانوا يظنون فيها نهاية للإسلام والمسلمين.

وعلى الرغم من هذه المحنة وما سبقها من محن أو تلاها فقد بقي الإسلام كالطود الشامخ؛ تحطمت على صخراته الصماء مكائد الماكرين، وظهرت معجزة الإسلام حين عاد بعثه من جديد في الأجيال اللاحقة من أبناء المسلمين، بل لقد دخل في الإسلام طائفة من هؤلاء بعد أن كانوا من الرعاع المتوحشين.

لقد أحجم – في البداية – العلماء المعاصرون عن الكتابة عن محنة التتار لهول الفاجعة، فبقي "ابن الأثير" ت 630هـ عدة سنين معرضا عن ذكرها استعظاما لها، وهو القائل: "فيا ليت أمي لم تلدني، وياليتني مت قبل حدوثها وكنت نسيا منسيا"1.

ويقول أيضا: "فلو قال قائل إن العالم منذ خلق الله سبحانه وتعالى أدم وإلى الآن لم يبتلوا بمثلها لكان صادقا، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها"2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015