ولكي تحوزي الخشوع في الصلاة أقول لكِ: ((إياك أن تجعلي قراءتك للآيات مقصورة على قصار السور طوال عمرك, وأنت قادرة على الحفظ فإن الحفظ يورث من الخشوع مالا يوصف وذلك أنك إذا حرصتِ على قراءة جديدة من حفظكِ في صلاتكِ، فإنه سيكون لصلاتكِ في نفسكِ أثر آخر، وذلك أنكِ ستشعرين بمغالبة نفسك وشد ذهنك إلى ما حفظته حديثًا, لأنك لا تستطيعين استحضاره بدون ذهن مركز على التذكر, وفي ذلك تستطيعين بكل سهوله التخلص من التفكير في غير الصلاة. أما ما حفظته من قصار السور واعتاد عليه لسانك فإنك تستطيعين قراءته بكل سهولة وذلك لأنه لا يحتاج إلى تذكر ولا إلى ذهن حاضر وبهذا ينطلق لسانك بقراءة قصار السور في الصلاة بينما ينطلق عقلك في وادٍ آخر, فلا تشعرين بمعاني الآيات ولا تدركين خشوعًا في صلاتك.
وإذا كنت عازمة على تعلم القرآن وحفظه فأحسن وسيلة لذلك وأسهلها أن تجلسي في مصلاك قبل الصلاة بعشر دقائق وتحفظي آيتين أو ثلاث بما يعادل سطرين أو ثلاثة أو أربعة ,وإذا حفظت هذه الآيات فاقرئيها في صلاتك, وبهذا تحوزين أجر انتظار الصلاة ,وأجر الحفظ, وأجر الخشوع حيث تخشعين بما تقرئين من حفظك الجديد أكثر من خشوعك بما أعتدت على حفظه من قصار السور. وقبل أن تبدئي بذلك أذكرك أن لك بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف، فإذا تذكرت ذلك أقبلت بهمة ونشاط وحرص، واعلمي أنك لو فعلتِ ذلك لاستطعتِ حفظ القرآن في سنتين، ثم إذا حفظت فعليك بتحري اتباع السنة في القراءة كقراءة الأعراف في المغرب، وقراءة السجدة والدهر في فجر الجمعة، وقراءة المؤمنون في الفجر وهكذا)) (?) .