ومن تمام خشوع العبد لله عز وجل وتواضعه له في ركوعه وسجوده: أنه إذا ذلّ لربه بالركوع والسجود وصف ربه حينئذٍ بصفات العز والكبرياء والعظمة والعلو، فكأنه يقول: الذل والتواضع وصفي، والعلو والعظمة والكبرياء وصفك (?) .
قال الحسن رحمه الله: "إذا قمت إلى الصلاة قانتًا؛ فقمْ كما أمرك الله، وإيَّاك والسهو والالتفات. إيَّاك أن ينظر الله إليك وتنظر إلى غيره، وتسأل الله الجنة وتعوذ به من النار، وقلبك ساهٍ لا تدري ما تقول بلسانك" (?)
ثم إذا هممتِ بالركوع بعد انتهاء القراءة ترفعين يديكِ حذو منكبيك أو حيال أذنيك، وتكبرين استسلامًا لله سبحانه حيث أمرك بالركوع واستجابة له، وفي ذلك تتفكرين كيف أن الله تعالى أمرك بالوقوف بين يديه فقدمت خاضعة مستسلمة، وأمرك بالركوع والانحناء لعظمته فركعت خاضعة مستسلمة، وتتفكرين في التكبير حيث الله أكبر من كل شيء، أكبر منك حيث أخضعك لجلاله، وأكبر من أي عظيم أو كبير فالكل لابد أن يخضع له اعترافًا بربوبيته وألوهيته، ثم لا تملكين بعد هذا التكبير إلا أن تقولي سبحان ربي العظيم، وإذا قلتِ هذه الكلمة فتخيلي الملك الموكل بأعمالك يحسب كم تعظمين الله، فإذا عظمتِ الله ثلاث مرات واستشعرتِ أحدًا يكتب ويحسب عن يمينك فلن ترفعي بل ستزداد نفسك حرصًا أن تفتخر عند الملك بأنها تعظم الله كثيرًا، فإذا بكِ تعظمين الرابعة فإذا أردت الرفع جذبتك نفسك إلى الخامسة حتى يكتب الملك لك ذلك وهلمَّ جرًّا ما شاء الله ... وما أعظمه من ركوع تكونين فيه على هذه الحال، وتذكري نعم الله عليك فسبحيه عليها واحمديه ثم اسأليه المغفرة فأعمالك لا تواجه نعماءه، مع ما عندك من الذنوب، وذلك بقول ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي".