واعلمي أنك إذا أردت الخشوع في الصلاة فعليك بإزالة الأقفال التي على قلبك، إذا أردت إزالة هذه الأقفال، فإنها لا تُزال إلا بالتدبر لآيات الله.
ورحم الله الحارث المحاسبي إذا يقول: " وليكن الأصل الذي تطالب من نفسك من الفهم إعظام الله – سبحانه- في قلبك وإجلاله، فإذا قرأت آية فيها تعظيم له أو تنزيه له أو خبر عمن كذب عليه فإن استطعت أن تموت فمت، ورُوي عن إبراهيم النخعي أنه كان إذا مرَّ بمثل قوله تعالى: (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ) [المؤمنون: 91] خفض بها صوته تنزيهًا وخضوعًا للباري – تعالى – من كل شيء، ذلك لأن قلب المصلي منير بالصلاة يزداد بها بصائر.
والذي يصلي ويفهم ما يقرأ ليعرف خطأه وصوابه وعيوبه ونعم الله عليه وكيف شكره وكيف خوفه وحزنه على دينه لأنه يتلو الدلائل على ذلك كله والداعي إليه.
وينبغي أن يخاف أن يكون ممقوتًا إذ يجد نفسه مخالفة لأشياء من الطاعات وعاملة لأشياء من المعاصي قد اشتبهت عليه، أو ناسيًا الرحمة إذ لا بد أن يكون قد عمل طاعة قد منَّ الله – عز وجل – بها فيشكره عليها، فكفى للنفس زجرًا تفهمها لما تتلو وتفكرها فيه.
قال الحسن: " من أحب أن ينظر من هو فليعرض على نفسه القرآن ". والمرتل في صلاته مع ما يناله من الرقة وصلاح قلبه لن يخلو من فائدة تلاوته إما معنى تنبه له عقله، أو علم يفيده أو بصيرة في دينه، ولن يخلو من حجة له أو عليه.... " (?) .
*إن الصلاة فرصة لتعلم القرآن وحفظه حيث حثنا على ذلك رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقال: "تعلموا كتاب الله وتعاهدوه واقتنوه، وتغنوا به، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفلتًا من المخاض في العقل (?) .