وتخيلي أنك ترددين هذه الكلمات بين يدي الله يوم القيامة واقفة بين يديه، والكل ينظر إليكِ ليعلم أي منقلب وإلى أي دار تصيرين، وإذا بك تسبحين الله تنزيهًا له عن كل نقيصة , وتحمدينه على كل نعمة وأعظم نعمة هي نعمة الإيمان الذي أوقفك هذا الموقف بين يديه لتنالي رضاه وتفوزي بجناته, ثم تقرين وتعترفين أن كل ما ذكر اسم الله عليه أو فيه تبارك اسمه , وذلك لبركة اسمه، فهذه صلاتك تبدأ بذكر الله فإذا بها يتبارك ثوابها فتكون الحسنة بعشر أمثالها وتكون عن عشر صلوات، فأي بركة بعد هذه البركة، وإذا قلت: وتعالى جدك أيقنت أن الله – سبحانه – عالٍ مقامه مستغن بنفسه عن عباده وخلقه.
فإذا تذكرتِ أن الله يأبى الشرك وهو أغنى الشركاء عن الشرك، سارعتِ القول: ولا إله غيرك.
فأي كلمات أبلغ من هذه الكلمات في مثل هذا المقام وصلى الله وسلم علي من قال:" إن أحب الكلام إلى الله أن يقول العبد سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك" (?) .
ولما كان القلب يقسو حينما يألف ما اعتاد عليه ولا يتأثر به لم يكن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يكتفي بهذا الاستفتاح فقد كان يستفتح الصلاة باستفتاحات متعددة.
فإذا وجدت من نفسك اعتياداً على هذا الاستفتاح حتى أصبحت تقولينه ولا تشعرين إلا بانتهائه لقوة حفظك له، فلا تستشعرين قوله ولا معناه، وبالتالي تضيعين جزءاً من الصلاة بلا خشوع فعليك باستبداله بغيره من أدعية الاستفتاح، وذلك كقوله: " اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد " وكان يقوله في الفرض (?) .