قوله: "إذا جدَّ به السير" أي: إذا اهتم به وأسرع فيه يقال: جد يجد من باب نصر وضرب.
وقوله: "يعجل إلى أهله" جواب إذا، وفي رواية الكشميهني والنسفي: ويعجل إلى أهله بالواو والجواب حينئذ محذوف تقديره ماذا يصنع ويعجل بضم الياء من التعجيل، ويروى: تعجل بفتح التاء المثناة من التعجيل.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَبَلَغَهُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ شِدَّةُ وَجَعٍ، فَأَسْرَعَ السَّيْرَ، حَتَّى كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ نَزَلَ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعَتَمَةَ، جَمَعَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا.
مطابقته للترجمة ظاهرة، وقد مرَّ هذا الحديث في أبواب تقصير الصلاة، في باب تصلى المغرب ثلاثًا، ومرَّ استيفاء الكلام عليه هناك، وسيأتي من هذا الوجه في أبواب الجهاد.
قد مرّوا: مرَّ سعيد بن أبي مريم في الأربعين من العلم، ومرَّ محمد بن جعفر في التاسع من الحيض، ومرَّ زيد بن أسلم في الثاني والعشرين من الإيمان، ومرَّ أبوه أسلم في الحادي والتسعين من الزكاة وفي الحديث ذكر صفية بنت أبي عبيد، وقد مرت في الثاني عشر من التقصير، ولا بأس بذكر أبيها أبي عبيد استطرادًا فأقول: هو أبو عبيد بن مسعود بن عمرو بن عمير بن عوف بن عبدة بن غيرة بن عوف بن ثقيف، ذكره ابن حجر وابن عبد البر في الصحابة، وقال الذهبي: أسلم في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو صاحب المنبر، استشهد هو وابنه جبر يوم الجسر، المعروف بجسر أبي عبيد في جمع من المسلمين قيل أربعة آلاف بين قتيل وغريق، وقيل: ألف وثمانمائة، وذلك أن عمر لما ولي الخلافة عزل خالد بن الوليد عن العراق والاعنة، وولى أبا عبيد، وذلك سنة ثلاث عشرة فلقي أبو عبيد جافان بين الحيرة