تغيير العامة، فإن البيت الأخير من الأبيات المذكورة يدل على أنه من شعر الجاهلية، ثم ظهر لي أنه من مصغر القِرش الذي بكسر القاف.
وقد أخرج البيهقي عن ابن عباس، قال: قريش -تصغير قرش- وهي دابة في البحر، لا تمر بشيء من غث أو سمين إلا أكلته.
وقيل: سمي قريشًا لأنه كان يقرش عن خَلة الناس وحاجتهم، ويسُدُّها، والتقريش: هو التفتيش.
وقيل: سموا بذلك لمعرفتهم بالطعان، والتقريش وقع الأسِنة، وقيل: التقرش: التنزه عن رذائل الأمور.
وقيل: هو من أقرشت الشجة، إذا صدعت العظمَ ولم تهشمه.
وقيل: أقرش بكذا: إذا سعى به. وقيل: غير ذلك. ولله در القائل:
وَنِسْبَةُ عِزٍّ هاشِمٌ مِنْ أُصُولِهَا ... وَمَحتدُهَا المرضيُّ أَكْرَمُ محْتِدِ
سَمَتْ رُتْبَةً عَلياءَ أَعْظِمْ بِقَدْرِهَا ... وَلَم تَسْمُ إلا بالنَّبىِّ مُحمَّدِ
وعِزُّ قريش إنما هو منه - صلى الله عليه وسلم - كما قال الشاعر:
وكَمْ أَبٍ قَدْ عَلا بابنٍ ذُرَى حَسَبٍ ... كَمَا عَلَتْ برسولِ اللهِ عَدْنَانُ
وقد أخرج مسلم من حديث واثلة مرفوعًا: "إن الله اصطفى كِنانة من ولد إسماعيل، واصطفى من كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم".
وروى الترمذي -وقال: حديث حسن- عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله خلق الخلق فجعلني من خير فرقهم، وخير الفريقين، ثم تخير القبائل، فجعلني في خيرِ قبيلةٍ، ثم تخير البيوت فجعلني في خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسًا، وخيرهم بيتًا" أي: أصلًا.