وقيل: أول من نسب إلى قريش قُصي بن كلاب. فروى ابن سعد: أن عبد الله بن مروان سأل محمَّد بن جبير، متى سميت قريش قريشًا؟ قال: حين اجتمعت إلى الحرم بعد تفرقها، قال: ما سمعت بهذا، ولكن سمعت أن قُصيًا كان يقال له: القرشي، ولم يسمِّ أحد قريشًا قبله. وروى ابن سعد من طريق المقداد: لما فرغ قُصي من نفي خُزاعة من الحرم، تجمعت إليه قريش، فَسُمِّيَتْ يومئذ قريشًا لحال تجمعها. وحكى الزبير ابن بكار عن عمه مصعب: أن أول من تسمَّى قريشًا قريشُ بن بدر بن مخلد ابن النضر بن كِنانة، وكان دليلَ بني كنانة في حروبهم، فكان يُقال: قدمت عير قُريش، فسميت قريش به قريشًا، وأبوه صاحب بدر الموضع المعروف.
واختلف في اشتقاق قريش على عشرة أقوال، فقيل: من التقرش وهو التجمع، وذلك إما لتجمعهم على قصي كما مر، أو لأن الجد الأعلى جاء في ثوب واحد متجمعًا فيه فسمي قريشًا. وقيل: لتجمعهم للتجارة؛ فهذه ثلاثة أقوال على أنه من التجمع. وقيل: من التقرش، وهو أخذ الشيء أولًا فأولًا، وقال المُطرزي: سميت قريش بدابة في البحر هي سيدة دواب البحر، وكذلك قريش سادة الناس. قال صاحب "المحكم": قريش دابة في البحر، ما تدع دابة في البحر إلا أكلتها، فجميع الدواب تخافها، قال الشاعر:
وقُرَيْشٌ هِيَ الَّتي تَسْكُنُ البَحْـ ... ـرَ بِها سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشَا
تَأْكُلُ الغَثَّ والسَّمينَ وَلاَ ... تَتَّرِك فيه لِذي جَنَاحَيْن رِيشَا
هكذا في البِلادِ حَيُّ قُرَيشٍ ... يَأْكلُونَ البِلادَ أَكْلًا كَميشا
وَلَهُمْ آخِرَ الزَّمَان نبِيٌ ... يُكْثِرُ القتلَ فيهم والخُموشا
قال في "الفتح": الذي سمعته من أفواه أهل البحر، القِرش بكسر القاف، وسكون الراء، لكن البيت المذكور شاهد صحيح، فلعله من