حسن. وقال ابن العربي؛ يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات:
الأولى: إعلام الأهل وأهل الصلاح والأصحاب، فهذا سنة.
الثانية: دعوة الحفل للمفاخرة، فهذه تكره.
الثالثة: الإعلام بنوع آخر كالنياحة ونحو ذلك، فهذا يحرم.
قلت: مشهور مذهب مالك أن النداء به بالمسجد، أو على بابه، مكروه. وأن الإِعلام به من غير نداء في خَلْقٍ بصوت خفي، جائز. وصرح النّووِي في "المجموع" بأن نعي الميت إلى أهله مستحب، لحديث الباب، ولنعيه جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة، ولما يترتب عليه من المصالح فيما مرَّ.
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا.
وجه دخول قصة النجاشى في الترجمة، هو كونه كان غريبًا في ديار قومه، فكان للمسلمين من حيث الإِسلام أخًا، فكانوا أخصَّ به من قرابته، ويحتمل أن يكن بعض أقرباء النجاشيّ كان بالمدينة حينئذ، ممن قدم مع جعفر بن أبي طالب من الحبشةَ، كذي مخمر ابن أخي النجاشيّ، فيكون إعلام الأهل فيه حقيقة ومجازًا.
قوله: نعى النجاشيّ، هو لقب ملك الحبشة، واسمه أصْحَمة، ويأتي في سند الحديث ما قيل في ضبط الاسمين مستوفى. وقوله: خرج إلى المصلى، فصف بهم، وفي رواية ابن ماجه "فخرج وأصحابه إلى البقيع فصفنا خلفه". والمراد بالبقيع هنا "بقيع بَطْحان" أو يكون المراد بالمصلى موضعًا معدًا للجنائز "ببقيع الغَرْقد" غير مصلى العيدين، والأول أظهر، وقد تقدم في العيدين أن المصلى كان ببطحان.
وقوله: فصف بهم، ليس فيه تعرض لكثرة الصفوف ولا لقلتها، لكن الغالب أن الملازمين له عليه الصلاة والسلام كانوا كثيرًا، ولاسيما مع أمره لهم بالخروج إلى المصلى، كما في رواية جابر الآتية "فهلُمَّ فصلّوا". وفي رواية جابر "كنت في الصف الثاني".
وفي الحديث دلالة على أن للصفوف على الجنازة تاثيرًا، ولو كان الجمع كثيرًا؛ لأن الظاهر أن