النحاس أو الحديد المطلي بالذهب أو الفضة.
والصحيح عند الشافعية إن كان يحص منه بالعرض على النار حَرُم، وإلا فوجهان أصحهما لا، وفي العكس وجهان كذلك، ولو غُلِّف إناء الذهب أو الفضة بالنحاس مثلًا، ظاهرًا وباطنًا، فكذلك، وجزم إمام الحرمين أنه لا يحرم، كحشو الجبة التي من القطن، مثلًا، بالحرير. واستدل بجواز اتخاذ السلسلة والحلقة أنه يجوز أن يُتَّخَذَ للإناء رأسٌ منفصل عنه، وهذا ما نقله المتولي والبَغوِيّ والخوارزميّ. وقال الرافعيّ: فيه نظر.
وقال النوويّ: في "شرح المهذب": ينبغي أن يُجْعَل كالتضبيب، ويجري فيه الخلاف والتفصيل، واختلفوا في ضابط الصِّغَر في ذلك، فقيل: العُرْف، وهو الأصح، وقيل: ما يَلْمَع على بُعْد كبير، وما لا فصغير وقيل: ما استوعب جزءًا من الإناء، كأسفله أو عروته أو شفته، كبيرٌ. وما لا فلا، ومتى شك فالأصل الإباحة.
وقوله: "وخاتم الذهب" قد استوفى الكلام عليه غاية الاستيفاء، عند حديث أنس في باب "ما يذكر في المناولة" من كتاب العلم، وقوله: والحرير والدِّيباج والقَسِّي والاسْتَبرق، الحرير يتناول الثلاثة التي بعده، فيكون وجه عطفها عليه لبيان الاهتمام بحكم ذكر الخاص بعد العام، أو لدفع وهم أن تخصيصه باسمٍ مستقل لا ينافي دخوله تحت حكم العام، أو الإشعار بأن هذه الثلاثة غير الحرير نظرًا إلى العرف، وكونها ذوات أسماء مختلفة يكون مقتضيًا لاختلاف مسمياتها. وقد مرَّ الكلام مستوفى على الحرير جملة في باب "من صلى في فروج حرير" في أوائل كتاب الصلاة، ومرَّ الكلام على الثوب الأحمر وعلى المِبْثرة في باب "استعمال فضل وضوء الناس" من كتاب الوضوء، والقَسِّي، بفتح القاف وتشديد المهملة المكسورة. وقال أبو عُبيد: أهل الحديث يقولون بكسر القاف، أهل مصر يفتحونها، وهو نسبة للقَسّ، قرية بمصر، منها الطبريّ وابن سَيْده، وهي على ساحل مصر، حصنٌ بالقرب من الفَرَما، بالتحريك، من جهة الشام. وقال النوويّ: هي بقرب تَنِيس، وهو متقارب. وحكى أبو عبيد: أنها بالزاي لا بالسين، نسبة إلى القز، وهو الحرير، أبدلت الزاي سينًا. وأخرج البخاريّ تعليقًا عن أبي بُرْدة قلتُ لعلي: ما القسية؟ قال: ثياب أتتنا من الشام أو من مصر، مضلعةٌ فيها حرير. وأخرجه مسلم موصولًا، ولفظه "نهاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن لبس القَسِّي، وعن المباثر".
وقوله في رواية البخاريّ "مضلعة" أي فيها خطوط عريضة كالأضلاع، وحكى المنذريّ أن المراد بالمُضَلّع، ما نسج بعضه وترك بعضه. وقوله: "فيها حرير"، يشعر بأنها ليست حريرًا صرفًا. وحكى النوويّ عن العلماء أنها ثياب مخلوطة بالحرير، وقيل: من الخز، وهو رديء الحرير. واستدل بالنهي عن لبس القَسِّيّ على منع لبس ما خالطه الحرير من الثياب، لتفسير القَسِّيّ بأنه ما