في الباب فيه أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أتى بقدرٍ فيه خُضَراتٌ من بقولٍ فوجدَ لها ريحًا". فالكُرّاث من جملة الخُضَرات وله رائحة فتقع المطابقة بينه وبين قوله في الترجمة، ووجود التطابق بين التراجم وأحاديث لا يلزم أن يكون صريحًا دائمًا يظهر ذلك بالتأمل، ثم قال: وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أكلَ الثومَ والبصلَ مِنَ الجوع أو غيرِهِ فلا يقربنَّ مسجدَنَا"، بجر قول عطفًا على في الثوم أي وما جاء في قول النبي فهو من تمام الترجمة.

وقوله: "من الجوع أو غيره" ليس التقييد بالجوع وغيره صريحًا، لكنه مأخوذ من كلام الصحابي كما مرّ في حديث جابر عند مسلم وعنده أيضًا عند أبي سعيد "لم نعد إن فتحت خيبر فوقعنا في هذه البفلة والناس جياع" الحديث. وقال ابن المنير: ألحق بعض أصحابنا المجذوم وغيره بآكل الثوم في المنع من المسجد قال: وفيه نظر؛ لأن آكل الثوم أدخل على نفسه هذا المانع باختياره والمجذوم علته سماوية قال: لكن قوله -صلى الله عليه وسلم- من جوع وغيره يدل على التسوية بينهما.

قلت: مذهب مالك منع المجذوم ونحوه من الجماعة مخافة العدوى. قال في "الفتح" كأن ابن المنير رأى قول البخاري في الترجمة، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى آخره فظنه حديثًا وليس كذلك، بل هو من تفقه البخاري وتجويزه لذكر الحديث بالمعنى. قلت: علم من كلامه أن هذا ليس بتعليق، فلا يحتاج إلى وصل ويأتي الكلام على ما قيل في إباحة أكله عند آخر الأحاديث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015