حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ يَعْنِي الثُّومَ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا.
قوله: "في غزوة خيبر" قال الداودي: أي حين أراد الخروج أو حين قدم وتعقبه ابن التين بأن الصواب أنه قال ذلك وهو في الغزاة نفسها. قال: ولا ضرورة تمنع أن يخبرهم بذلك في السفر فكان الذي حمل الداودي على ذلك قوله في الحديث: "فلا يقربنَّ مسجدَنَا"؛ لأن الظاهر أن المراد به مسجد المدينة؛ فلهذا حمل الخبر على ابتداء التوجه إلى خيبر أو الرجوع إلى المدينة لكن حديث أبي سعيد المار دال على أن القول المذكور صدر منه -صلى الله عليه وسلم- عقب فتح خيبر فعلى هذا، فقوله: "مسجدنا" يريد المكان الذي أعد ليصلي فيه مدة إقامته هناك، أو المراد بالمسجد الجنس والإضافة إلى المسلمين أي: فلا يقربنَّ مسجد المصلين، ويؤيده رواية أحمد عن يحيى القطان فيه بلفظ: "فلا يقربنَّ المساجدَ" ونحوه لمسلم. وهذا يدفع قول مَنْ خص النهي بمسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد حكاه ابن بطال عن بعض أهل العلم ووهّاه. وفي مصنف عبد الرزاق عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: هل النهي للمسجد الحرام خاصة أو في المساجد؟ قال: لا بل في المساجد.
قوله: "من هذه الشجرة" فيه مجاز؛ لأن المعروف في اللغة أن الشجرة ما كان لها ساق وما لا ساق لها نجم، وبهذا فسّر ابن عباس وغيره قوله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ}. ومن أهل اللغة من قال كل ما ثبتت له أرومة أي أصل في الأرض يخلف ما قطع منه، فهو شجر وإلا فنجم. وقال الخطابي في هذا الحديث إطلاق الشجر على الثوم والعامة لا تعرف الشجر إلا ما كان له ساق، ومنهم مَنْ قال بين الشجر والنجم عموم وخصوص مطلق، فكل نجم شجر من غير عكس كالشجر والنخل فكل نخل شجر من غير عكس.
وقوله: "يعني الثوم" قال في "الفتح": لم أعرف قائله يعني ويحتمل أن يكون عبيد الله بن عمر فقد رواه السّراج عن يزيد بن الهادي عن نافع بدونها ولفظه: "نهى رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عن أكلِ الثومِ يوم خيبر". وزاد مسلم عن ابن نمير عن عبيد الله "حتى يذهبَ ريحُها". وقوله: "فلا يقربنَّ مسجدَنَا" بفتح الراء والموحدة وتشديد النون.