ومن ثم قال العلماء يستحب الانصراف إلى حاجته لكن قالوا: إذا استوت الجهتان في حقه، فاليمين أفضل لعموم الأحاديث المصرحة بفضل التَيَامُنْ كحديث عائشة المار في "الطهارة". قال ابن المنير فيه: إن المندوبات قد تنقلب مكروهات إذا رفعت عن رتبتها؛ لأن التَيامُن مستحب في كل شيء من أمور العباد، لكن لما خشي ابن مسعود أن يعتقدوا وجوبه أشار إلى كراهته.
مرّوا، مرّ أبو الوليد في العاشر من الإيمان، ومرّ شعبة في الثالث منه، ومرّ سليمان بن مهران في الخامس والعشرين منه، ومرّ ابن مسعود في الآثار أوله قبل ذكر حديث منه، ومرّ الأسود في السابع والستين من العلم، ومرّ عمارة في الخامس عشر من أبواب صفة الصلاة.
فيه التحديث والإخبار بالجمع والقول والعنعنة، وفيه ثلاثة تابعيون كوفيون وشعبة واسطي وشخ البخاري بصري. أخرجه مسلم في الصلاة وكذا أبو داود والنَّسائيّ وابن ماجه. ثم قال المصنف:
هذه الترجمة والتي بعدها من أحكام المساجد، وأما التراجم التي قبلها فكلها على صفة الصلاة لكن مناسبة هذه الترجمة وما بعدها لذلك من جهة أنه بني صفة الصلاة على الصلاة في الجماعة؛ ولهذا لم يفرد ما بعد كتاب "الأذان" بكتاب؛ لأنه ذكر فيه أحكام الإقامة ثم الإمامة ثم الصفوف، ثم الجماعة، ثم صفة الصلاة، فلما كان ذلك كله مرتبطًا بعضه ببعض واقتضى فضل حضور الجماعة بطريق العموم ناسب أن يورد فيه مَنْ قام به عارض كأكل الثوم، ومَنْ لا يجب عليه ذلك كالصبيان ومَنْ تندب له في حالة دون حالة كالنساء، فذكر هذه التراجم وختم بها صفة الصلاة وقوله: الثُوم بضم المثلثة، والنِيء بكسر النون بعدها تحتانية ثم همزة، وقد تدغم وتقييده بالنيء حمل منه للأحاديث المطلقة في الثوم على غير النضيج منه.
وقوله: "والكُرّاث" بضم الكاف وتشديد الراء، ولم يقع ذكره في أحاديث الباب التي ذكرها لكنه أشار به إلى ما وقع في بعض طرق حديث جابر الآتي قريبًا، فقد أخرجه مسلم في "صحيحه" عن جابر قال: "نهى النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عن أكلِ البصلِ والكُراّثِ فغلبتنا الحاجةُ فأكلْنا منه، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- مَنْ أكلَ مِنْ هذهِ الشجرةِ المنتنةِ فلا يقربنَّ مسجِدَنَا".
وفي "مسند الحميدي" بإسناد على شرط الصحيح سئل جابر عن الثوم، فقال ما كان بأرضنا يومئذ ثوم إنما الذي نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن البصل والكُرّاث. وفي مسند "السراج": "نهى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عن أكلِ الكُرّاثِ ثم لم ينتهوا، فلم يجدوا بُدَّاً من أكلها فوجدَ ريحهَا فقال: ألم أنْهَكُم" الحديث فالكراث إن لم يذكر صريحًا في أحاديث الباب، فإنه مذكور دلالة فإن حديث جابر الآتي