والمحل الذي تصلّى فيه: قالت الحنفية: تصلّى في المسجد الجامع، أو في مصلّى. وقالت المالكية والشافعية والحنابلة: السنّة في المسجد لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعلها فيه، ولأن وقت الكسوف يضيق عن الخروج إلى المصلّى.

وقوله: فأطال القيام. وفي رواية ابن شهاب في حديث عائشة الآتي في الكسوف فقرأ قراءة طويلة، وفي آخر الصلاة عنه من وجه آخر فقرأ سورة طويلة. وفي حديث ابن عبّاس في الكسوف: فقرأ نحواً من سورة البقرة في الركعة الأولى، ونحوه لأبي داود عن عروة، وزاد فيه أنه قرأ في القيام الأول من الركعة الثانية نحوًا من آل عمران.

وقوله: ثم قام فأطال القيام في رواية ابن شهاب. ثم قال سمع الله لمن حمده وزاد من وجه آخر عنه في آخر الكسوف ربنا ولك الحمد، واستدل به على استحباب الذكر المشروع في الاعتدال في أول القيام الثاني من الركعة، واستشكله بعض متأخري الشافعية من جهة كونه قيام قراءة لا قيام اعتدال، بدليل اتفاق العلماء ممن قال بزيادة الركوع في كل ركعة على قراءة الفاتحة فيه، وإن كان محمد بن مسلمة المالكي خالف فيه.

وأجيب بما مرَّ في الرد على الحنفية من أن صلاة الكسوف جاءت على صفة مخصوصة، فلا مدخل للقياس فيها .. الخ، وقوله فأطال الركوع قال في الفتح: لم أر في شيء من الطرق بيان ما قال فيه، إلا أن العلماء اتفقوا على أنه لا قراءة، وإنما فيه الذكر من تسبيح وتكبير ونحوهما، ولم يقع في هذه الرواية ذكر تطويل الاعتدال الذي يقع السجود بعده، ولا تطويل الجلوس بين السجدتين.

وقد جاء في حديث جابر عن مسلم تطويل الاعتدال الذي يليه السجود ولفظه: ثم ركع فأطال، ثم سجد. وقال النووي: هي رواية شاذّة مخالفة، فلا يعمل بها، أو المراد زيادة الطمأنينة في الاعتدال لا إطالته نحو الركوع، وتعقب بما رواه النَّسائي واين خزيمة وغيرهما عن عبد الله بن عمر، وأيضًا ففيه ثم ركع فأطال حتى قيل لا يرفع ثم ريع فأطال حتّى قيل لا يسجد، ثم سجد فأطال حتّى قيل لا يرفع، ثم رفع فجلس فأطال الجلوس حتى قيل لا يسجد، واللفظ لابن خزيمة عن الثوري عن عطاء بن السائب، والثوري سمع من عطاء قبل الاختلاط، فالحديث صحيح.

قال في الفتح: لم أقف في شيء من الطرق على تطويل الجلوس بين السجدتين إلا في هذا، وقد نقل الغزالي الاتفاق على ترك إطالته، فإن أراد الاتفاق المذهبي فلا كلام، وإلا فهو محجوج بهذه الرواية. قلت: الرواية إذا لم يثبت أخْذُ أحد من العلماء بها لا تكون ردًا عليه لأن الاتفاق اتفاق العلماء لا اتفاق روايات الحديث. ولم أر من أخذ بها، بل حكت المالكية الإجماع على ترك إطالته أيضًا.

وقوله: فأطال السجود، كل الأحاديث ظاهرة في أن السجود في الكسوف يطول كما يطول القيام والركوع، وأبدى بعض المالكية فيه بحثًا فقال: لا يلزم من كونه أطال أن يكون بلغ به حد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015