وأتكلم هنا على ما قيل فيه من هذه الجهة فأقول: احتجاج البخاري به يعارضه أن أبا داود أخرجه من وجوه كثيرة، أحدها عن أحمد بن حنبل، وليس فيه ذكر رفع اليدين عند الركوع. والطريق الذي فيه ذلك عن عبد الحميد بن جعفر، وهو ضعيف مطعون في حديثه، فكيف يُحتج به على الخصم؟ فإن قيل: هو من رجال مسلم، فالجواب أنه لا يلزم من ذلك أن لا يكون ضعيفًا عند غيره. ولئن سلّمنا صحة روايته فالحديث معلولٌ من جهة أخرى، وهي أن محمّد بن عمرو بن عطاء لم يسمع هذا الحديث من أبي حميد، ولا ممن ذكر معه في هذا الحديث مثل أبي قتادة.
ولهذا قال ابن حزم: لعل عبد الحميد بن جعفر وهم فيه، يعني في روايته عن محمد بن عمرو بن عطاء فأقيل.
قال البيهقي في المعرفة: حكم البخاري في تاريخه بأنه سمع أبا حميد، أجيب بأن القائل بأنه لم يسمع من أبي حميد هو الشعبي وهو حجة في الباب. ويأتي الكلام على هذا عند ذكر الحديث في الباب المذكور آنفًا. ويأتي هناك ذكر من سمي من أصحابه. وقد مرَّ أبو حميد في تعليق في أبواب استقبال القبلة قبل ذكر حديث.