كان موجودًا فيه، لي فيه دلالة؛ لأنّ ما قاله ابن القاسم، على تقرير وجوده، لا يشبه المسألة المستدل لها, لأن مسألة ابن القاسم تقدم فيها انعقاد الإمامة للأول، والمسألة المذكورة لم يقع فيها انعقاد إمامة للقادم في هذه الصلاة، فبينهما فرق، مع أن مذهب مالك أن المستخلَف إذا عاد لإتمام الصلاة تبطل، إلا إذا كان الإمام الأول خرج لأجل رُعاف بناء ولم يستخلف ولم يعملوا بعده عملًا، فيصح عوده حينئذ لإتمامها, لأنّ صلاته لم تبطل، وهم لم ينقطعوا عن الاقتداء به بسبب عمل عملوه بعد.
وقال العَيْنيّ: إن قول الشافعية بهذا خرق للإجماع السابق قبلهم، وخرق الإجماع باطل، وفيه جواز إحرام المأموم قبل الإمام، وأن المرء قد يكون في بعض صلاته إماماً وفي بعضها مأموماً وأن من أحرم منفردًا ثم أقيمت الصلاة جاز له الدخول مع الجماعة من غير قطع لصلاته، كذا استنبطه الطَّبَرِيّ في من هذه القصة، وهو مأخوذ من لازم جواز إحرام الإمام بعد المأموم كما مرَّ. قال العينيّ: قوله فيه جواز إحرام المأموم قبل الإمام غير صحيح، يرده قوله عليه الصلاة والسلام "إذا كبر الإمام فكبروا" فقد رتب تكبير المأموم على تكبير الإمام، فلا يصح أن يسبقه.
وقد قال ابن بطال: لا أعلم من يقول إن من كبر قبل إمامه صلاته تامة، إلا أن الشافعيّ بني على مذهبه أن صلاة المأموم غير مرتبطة بصلاة الإمام، وسائر الفقهاء لا يجيزون ذلك، وفيه أن أبا بكر عند الصحابة كان أفضلهم، لأنهم اختاروه دون غيره، وعلى جواز تقديم الناس لأنفسهم إذا غاب إمامهم، قالوا: ومحل ذلك إذا أمنت الفتنة والانكار من الإمام، وأن الذي يتقدم نيابة عن الإمام يكون أصلحهم لذلك الأمر وأقومهم به، وأن المؤذن وغيره يعرض التقدم على الفاضل، وأن الفاضل يوافقه بعد أن يعلم أن ذلك برضى الجماعة، وكل ذلك مبنيّ على أن الصحابة فعلوا ذلك بالاجتهاد، وقد مرَّ أنهم فعلوا ذلك بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وفيه أن الإقامة واستدعاء الإمام من وظيفة المؤذن، وأنه لا يقيم إلا بإذن